دراسة حول النفايات في سلا تثير ضجة بسبب التكلفة والجدوى

في مدينة سلا، حيث تغرق الأزقة في ظلام الإنارة الباهتة، وتنتشر الحفر في شوارع الأحياء كما تنتشر الشائعات في المقاهي الشعبية، قررت الجماعة أن تبتكر حلاً لمعضلة النفايات، لكنه حل بطعم الطلاسم، إذ أطلقت صفقة جديدة قيمتها أكثر من 400 ألف درهم فقط من أجل “دراسة” مخطط تدبير النفايات المنزلية، رغم أن ملف النظافة مفوض أصلاً لشركة خاصة تتقاضى المليارات وتعد بكل أنواع المعدات والخبرات

دراسة حول النفايات أم نفايات حول الدراسة؟

حين أعلنت الجماعة عن هذه الصفقة، انطلقت موجة من التساؤلات، بين مستغرب من كرم مجلس المدينة في زمن التقشف، وبين ساخر من تبدد المال العام في مشاريع لا تلامس الواقع، خاصة وأن الشركة التي تدبر النفايات تدّعي احترافية عالمية وتتباهى بكتيب بنودها وعقدها طويل الأمد الذي يفترض أنه يفرض عليها نفسها إنجاز كل الدراسات والتخطيطات ضمن التزاماتها، وليس تحميل جيوب الساكنة تكاليف إضافية لأبحاث مكتبية لا تُلغي أكوام القمامة

إنفاق في زمن الأزمة

في الوقت الذي ينتظر فيه سكان المدينة إصلاح أعمدة الإنارة المنطفئة ورقع الحفر التي صارت أفخاخاً للسيارات والدراجات، ها هي الجماعة تصرف أموالاً جديدة على “دراسة” قد لا تسفر إلا عن مزيد من الاجتماعات والعروض البصرية وتبادل الكراسي الوثيرة في قاعة المجلس. فعوض معالجة المشاكل العاجلة، فضل المسؤولون المضي في تكديس الدراسات كما تتكدس النفايات في الأزقة

هل هي دراسة فاشلة أم اعتراف بفشل الشركة؟

الصفقة المثيرة للجدل بدت للبعض بمثابة إقرار غير مباشر بفشل الشركة المفوض لها احترام دفتر التحملات، خصوصاً في تقييم أدائها والتخطيط بعيد المدى، فما معنى أن تدفع الجماعة مقابل خدمة يجب أن تكون مشمولة ضمن العقد الأصلي؟ وهل غابت الرقابة حتى صرنا نحتاج لدراسة دراسة الدراسة؟

المال العام وحق الساكنة في الشفافية

أما السؤال الحقيقي الذي يتردد اليوم بين أبناء سلا، فيدور حول حقهم في معرفة أسرار هذه النفقات ومسوغاتها، فكل درهم يُصرف في هذه الدراسات الغامضة يبتعد عن مشاريع حيوية كان يمكن أن تغير واقع المدينة نحو الأفضل، وتؤكد فئة واسعة أن صرف هذا المبلغ الكبير على دراسة جديدة لا معنى له في ظل مشاكل أكثر إلحاحاً تعيشها المدينة كل يوم

سلا والنفايات.. إلى متى تستمر الحلقة المفرغة؟

هكذا تبدو مدينة سلا وقد دخلت دوامة لا تنتهي من التعاقدات والدراسات والصفقات التي لا تترجم إلا بمزيد من الحفر، ومزيد من الإنارة المعطلة، ومزيد من النفايات التي تزين شوارعها، بينما المواطن ينتظر من مجلسه قرارات جريئة لا مزيداً من أوراق الدراسات

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى