متى يتوقف النظام الجزائري عن ابتكار “شماعة المغرب”؟

كلما اشتد الخناق على النظام الجزائري داخليًا، وارتفعت حرارة الملفات الاجتماعية والسياسية، انطلقت أبواق الإعلام الرسمي تصرخ من جديد: المغرب هنا، المغرب هناك، المغرب في كل مكان.

وكأن شبح الرباط بات يُطل من كل زاوية في قصر المرادية، أو ربما صار الحجة الجاهزة لكل أزمة تمر بها الجارة الشرقية.

مخدرات المغرب: الحكاية التي لا تنتهي النظام الجزائري

الجديد هذه المرة ليس في القصة نفسها، بل في طريقة تكرارها الممل. الجيش الجزائري يخرج علينا ببلاغ جديد يتحدث عن “مخطط إجرامي لشبكة عابرة للحدود تنقل المخدرات القادمة من المغرب”.

أرقام فلكية، بيانات درامية، صور ضبابية لمصادرات قالوا إنها قادمة من غرب البلاد. وكأن الشعب الجزائري يحتاج في كل مرة لجرعة من “مخدر المؤامرة”، ليتناسى واقع الأزمات اليومية.

في بلاغهم الأخير، تحدثوا عن ضبط أطنان من الكيف المعالج، وحجز مئات الكيلوغرامات من الكوكايين، وأرقام بالملايين لأقراص الهلوسة. كل شيء فوق الخيال، إلا سؤال واحد لم يجب عنه أحد: إذا كانت كل هذه الكميات تدخل عبر الحدود، فأين كانت أعين الأجهزة الأمنية؟ أم أن المخدرات تتحول في المعابر إلى “عباءة غير مرئية”؟

ما بين الأسطورة والواقع: من يصدق من؟

العجيب أن هذه البلاغات لا تتغير، نفس السيناريو، ونفس التوقيت تقريبًا. في كل مرة ترتفع فيها أصوات الاحتجاجات أو تقترب الانتخابات أو تشهد البلاد فضيحة سياسية، يظهر “العفريت المغربي” ليحمل على ظهره مشاكل الجزائر كلها: البطالة، غلاء الأسعار، أزمة السكن، وأخيرا سوق المخدرات. ولا عجب إن أضيفت لاحقًا مشاكل الطقس أو هزات الأرض إلى قائمة الاتهامات.

السلطة تصنع الأعداء… والشعب يدفع الثمن

هل يتخيل أحد أن المغرب، الذي يكافح هو الآخر مشاكل التهريب على حدوده، يمكن أن يتفرغ ليصبح شيطانًا خفيا في السياسة الداخلية الجزائرية؟

أم أن السلطات الجزائرية تحتاج فقط إلى فزاعة جديدة، تهدد بها كل من يرفع صوته أو يطالب بالإصلاح؟ الحقيقة أن لعبة تحميل المسؤولية للطرف الآخر، لم تعد تقنع حتى الأطفال، فما بالك بجيل الإنترنت الذي يرى ويسمع كل شيء.

سؤال أخير: من المستفيد؟

الجواب واضح للجميع. حين تتحول قاعات المحاكم إلى مسارح لمتابعة المدونين والمعارضين، وحين يتراجع الاقتصاد تحت وطأة الفساد وتبدد الثروات، يصبح الحديث عن “عدو خارجي” الوسيلة الوحيدة لتحويل الأنظار عن الإخفاقات الحقيقية. ومن غير المغرب يمكن أن يقوم بهذا الدور؟ لا أحد! فهو، في الرواية الرسمية الجزائرية، حاضر دائمًا: عدو مثالي، لا يتعب، ولا يُطالب بالبرهان.

ختامًا… هل يتغيّر شيء؟

طالما ظلت السلطة الجزائرية متمسكة بنفس الأسطوانة، ستبقى الأخبار تُعيد إنتاج نفسها في كل موسم. وسيبقى المواطن الجزائري حائرًا: هل يحارب البطالة والمخدرات والأزمات، أم يحارب “الطاحونة الهوائية” التي اخترعتها السياسة الرسمية؟ إلى أن تظهر شجاعة حقيقية في مواجهة المشاكل الداخلية، سيبقى المغرب شماعة جاهزة، وفزاعة سياسية بلا نهاية.

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى