وهبي.. وزير العدل الذي تاه بين الحداثة والتهريج

 وهبي.. وزير العدل الذي تاه بين الحداثة والتهريج

يبدو أن وزير العدل عبد اللطيف وهبي دخل مرحلة جديدة من حياته السياسية، مرحلة لا تحمل ملامح الوزير المسؤول، بقدر ما تشبه عرضاً مسرحياً بلا جمهور. الرجل الذي كان يُفترض أن يغادر الحكومة منذ فضيحة مباراة المحاماة، أو على الأقل بعد انزلاقه في تصريحات مست كرامة الحديث النبوي الشريف، عاد اليوم ليقدّم نفسه كـ”رسول الحداثة” في حكومة لم تعد تعرف وجهتها.

وهبي، الذي استهلك كل رصيده السياسي والشعبي، ما يزال يُمنّي نفسه بإقناع من تبقّى من مستمعيه بضرورة تمرير “ما تبقّى له من قوانين”، تلك القوانين التي يرى فيها المغاربة محاولة مقنّعة لحماية الفساد، وشرعنة ما حرّمه الله باسم الحرية والتحديث.
الوزير الذي كان يوماً لساناً جريئاً للمعارضة، تحوّل فجأة إلى مدافع شرس عن مقاربة تصطدم بالقيم، وعن فلسفة غريبة على المزاج الشعبي العام، وكأنه يعتقد أن المجتمع المغربي بحاجة إلى من “يهديه إلى النور” حتى ولو كان ذلك النور مُستعاراً من مشاريع خارجية لا تشبهنا.

المفارقة أن وهبي يواصل الحديث بثقة وكأن شيئاً لم يكن، ناسياً أنه فقد الكثير من رصيده بعد أن أصبحت تصريحاته مادة للتندر أكثر من النقاش. والأنكى من ذلك أن الرجل يتحدث اليوم عن الإصلاح وهو محاصر بملفات لم تُطوَ بعد، من بينها ملف مباراة المحاماة الذي خلّف جرحاً عميقاً في صورة الوزارة ومصداقية الدولة.

ولعل من حسن حظ الوزير ـ كما يقول البعض ـ أن كثيراً من الأصوات الحرة، من مدونين وكتاب وصحفيين، فقدت شغفها بالنقد في زمن صار فيه المعنى يتراجع كل يوم، داخلياً وخارجياً. وإلا لكان الرجل يواجه اليوم عاصفة من الأقلام لا تهدأ.

في النهاية، وهبي لم يعد ذاك الوزير الذي جاء محمّلاً بوعود الإصلاح والعدالة، بل صار عنواناً للفوضى السياسية والازدواجية في الخطاب. وربما آن الأوان لأن يدرك أن الكراسي لا تصنع زعامة، وأن الصمت أحياناً أكرم من هرطقة تُقال على منصة الحكومة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى