كراء الشقق المفروشة في المغرب.. فوضى الصيف والفراغ القانوني يفتحان أبواب التلاعب

مع اقتراب فصل الصيف، يتجدد الجدل حول فوضى كراء الشقق المفروشة بالمغرب، حيث يتحول هذا القطاع إلى حقل ألغام قانوني واقتصادي يؤثر بشكل مباشر على جيب المواطن ويهدد سلامته القانونية.

جمعيات حماية المستهلك دقت ناقوس الخطر من جديد، محذّرة من تنامي ممارسات وصفتها بالعشوائية وغير الخاضعة لأي رقابة رسمية.

سوق غير مهيكل وممارسات خارجة عن القانون

واقع الحال يُظهر أن قطاع كراء الشقق المفروشة خرج عن السيطرة. العملية تتم غالبًا خارج الإطار المؤسسي، عبر سماسرة يتصرفون بدون رخص أو تأطير قانوني، ما يجعل المستهلك الحلقة الأضعف. فالكثير من المواطنين يلجؤون إلى الكراء اليومي بغرض قضاء عطلتهم أو الإقامة المؤقتة، دون أن يدركوا أنهم وقعوا في فخ غير محمي بأي ضمانات قانونية.

وبحسب ما تؤكده مصادر جمعوية، فإن غياب الوعي القانوني يجعل الخلافات بين أصحاب الشقق والمكتَرِين أمرًا شائعًا. نزاعات تبدأ بشروط تعجيزية ولا تنتهي إلا بعد ضياع الحقوق، خصوصًا عندما تكون العملية قائمة في الظل، بلا عقود رسمية أو وصلات قانونية.

كراء..من “الستوديوهات” إلى شبهة غسيل الأموال

في السنوات الأخيرة، تضاعف الطلب على الشقق الصغيرة المفروشة، المعروفة بـ”الستوديوهات”، والتي أصبحت خيارًا مفضلًا عند كثير من الشباب والعائلات الصغيرة. لكن هذا الإقبال لم يمر دون تبعات، إذ تورط بعض المالكين في قضايا ديون ثقيلة، بل وتناولت تقارير إعلامية وجود شبهات حول استغلال هذه العقارات في عمليات مرتبطة بغسيل الأموال.

هذه الدينامية المريبة تزيد من حاجة السوق إلى تقنين صارم، يمنع التلاعب، ويراقب مصادر الأموال ويحصي المعاملات لضمان الشفافية الضريبية والمالية.

كراء..سماسرة يمتصون دماء المكتَرِين

واحدة من أكثر النقاط التي تثير الجدل هي تدخل السماسرة في كل صغيرة وكبيرة، إذ باتوا يفرضون شروطًا غير إنسانية على المواطنين. فمنهم من يطلب تسبيقات خيالية تصل إلى مبالغ فلكية، ويشترط وثائق خاصة، بل في بعض الحالات لا يقبلون إلا الأزواج حديثي الزواج، دون أطفال، كأن الأمر يتعلق بمباراة لولوج عقار خاص وليس كراءً مؤقتًا.

هذه الممارسات تسائل دور الدولة، كما تضع جمعيات حماية المستهلك أمام مسؤولية حقيقية لا تحتمل التأجيل، فالدفاع عن المستهلك لا يجب أن يتوقف عند إصدار البلاغات، بل ينبغي أن يُترجم إلى مبادرات تشريعية وتنسيق مباشر مع الجهات المختصة لوضع حد لهذه الفوضى.

كراء..التقنين أصبح ضرورة وطنية

بعيدًا عن الجدل، يظل الحل الوحيد المطروح هو تقنين القطاع، بشكل يُلزم المكري والمكتري بإبرام عقود واضحة، تحدد المسؤوليات وتضمن الحقوق. فالقانون لا يحمي فقط أطراف المعاملة، بل يضبط كذلك رقم المعاملات بما يخدم خزينة الدولة، ويمنع التهرب الضريبي والاحتيال.

في النهاية، لا يمكن الاستمرار في التغاضي عن هذه الظاهرة المتنامية. فكراء الشقق المفروشة لم يعد مجرد بديل سياحي، بل أصبح جزءًا من واقع سكني واجتماعي معقد يحتاج إلى إصلاح حقيقي وإرادة سياسية قوية تُعيد لهذا القطاع توازنه، وتحمي المستهلك من جشع السماسرة واستهتار بعض المالكين.

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى