
سيناريو “المرأة الحديدية”: المنصوري بين الأوهام والطموحات!
حلم رئاسة الحكومة: المنصوري في مرمى التوقعات السياسية
منذ أسابيع لا يخلو الحديث في الصالونات السياسية والمقاهي من اسم فاطمة الزهراء المنصوري، وزيرة إعداد التراب الوطني والتعمير والإسكان وسياسة المدينة، التي يتناقل البعض اسمها باعتبارها رئيسة الحكومة المقبلة دون أن يُحسم المشهد الانتخابي أو تخرج الصناديق بحكمها النهائي.
فكيف تحولت هذه الوزيرة إلى بطلة سيناريوهات مسبقة الصنع؟
وهل يمكن فعلاً أن تقفز المنصوري فوق المنطق الانتخابي لتعتلي كرسي رئاسة الحكومة؟
صناعة الوهم السياسي: كيف تتحول الشائعات إلى “حقيقة” افتراضية
لم يعد خافياً أن بعض وسائل الإعلام، وصفحات التواصل الاجتماعي، وصانعي الرأي العام، يلعبون دوراً مركزياً في صناعة رموز سياسية ونفخ صورهم بعيداً عن الواقع. حالة المنصوري مثال صارخ على ذلك.
فبمجرد أن ظهرت في واجهة حزب الأصالة والمعاصرة، بدأت التكهنات تنسج حولها هالة “المرأة الحديدية” القادرة على خلافة أخنوش، رغم أن السياق الدستوري والتحالفات السياسية لا يمنحها هذه الأفضلية المطلقة، خاصة وأنها ليست سوى حليف في حكومة يرأسها حزب آخر مازال يتصدر مشهد الأغلبية.
القواعد الدستورية أولاً: من يقرر فعلاً من يكون رئيس الحكومة؟
يحاول كثيرون أن يصوروا العملية السياسية في المغرب كأنها مسرحية أدوارها مكتوبة مسبقاً، والحقيقة أبعد ما تكون عن ذلك. الدستور المغربي واضح في شروطه، ورئاسة الحكومة لا يحسمها الحلم ولا النفوذ المحلي ولا حتى طموحات الكواليس، بل صناديق الاقتراع وتحالفات الأغلبية.
كل قراءة تتجاوز هذه الحقائق الدستورية تبقى مجرّد أوهام أو أماني شخصية لا أكثر.
حزب الأصالة والمعاصرة: أزمة قيادة أم أزمة صورة؟
ورغم الحضور القوي للمنصوري داخل حزبها وفي المشهد المحلي بمراكش، إلا أن الأصالة والمعاصرة يواجه داخلياً تحديات عميقة وصراعات أجنحة، وأداء حكومي تعرض للانتقاد، خصوصاً مع وزارة العدل التي تعيش على وقع الجدل.
فكيف يمكن أن ينتقل حزب يترنح تحت ضغط المشاكل الداخلية إلى قيادة الحكومة بمرونة؟
وما الذي يدفع البعض إلى تجاوز هذه المعطيات وترويج صورة انتصارية مبكرة للحزب والوزيرة؟
الرهانات الانتخابية الحقيقية: الصندوق أولاً وأخيراً
لا تكفي الشائعات ولا حكايات الكواليس في تغيير مسار السياسة المغربية، فصوت المغاربة وحده هو من يقرر عبر صناديق الاقتراع. كل حديث عن رئاسة منصوري للحكومة قبل موعد الحسم الديمقراطي يبقى رهين لعبة سياسية مشحونة بالتشكيك في مصداقية الانتخابات، وهو ما يسيء لصورة العملية الديمقراطية نفسها ويغذي جو انعدام الثقة.
خلاصة: لا مكان للأوهام السياسية في معركة المؤسسات
في النهاية، لكل سياسي الحق في أن يحلم، ولكل حزب الحق في رسم طموحاته، لكن تحويل الأوهام الشخصية إلى “برنامج عمل” أو حقيقة سياسية مسبقة، فيه إساءة للوعي الجمعي وإضعاف لهيبة المؤسسات الانتخابية والدستورية.
فالدستور واضح، وإرادة الناخب المغربي أكثر وضوحاً، ولا كرسي للحكومة إلا لمن يختاره المغاربة من خلال الانتخابات، لا من خلال تسريبات الكواليس أو أماني بعض الحالمين.