
انخفاض أسعار الاستهلاك في المغرب خلال ماي 2025.. مؤشرات جديدة للتضخم
شهد المغرب خلال شهر ماي 2025 تحولًا مهمًا في مؤشر الأسعار عند الاستهلاك، بعدما أعلنت المندوبية السامية للتخطيط عن تراجع الرقم الاستدلالي للأثمان بنسبة ملحوظة.
هذا التراجع يعكس دينامية جديدة في السوق الوطنية وسط ترقب متواصل من طرف الأسر المغربية لكل ما يؤثر في قدراتها الشرائية.
انخفاض في المواد الغذائية وغير الغذائية
في التفاصيل، جاء هذا الانخفاض نتيجة تراجع أثمان المواد الغذائية التي انخفضت بشكل واضح، وأبرزها الخضر والسمك وفواكه البحر واللحوم ومشتقات الحليب والحبوب والزيوت والفواكه.
حيث أظهرت الأرقام الأخيرة أن أسعار هذه المواد شهدت تراجعًا متفاوتًا. في المقابل، صعدت أثمان بعض المواد الأخرى مثل القهوة والشاي والكاكاو بنسبة طفيفة.
أما المواد غير الغذائية فقد عرفت بدورها انخفاضًا، خاصة في أسعار المحروقات، وهو ما أعطى دفعة إيجابية إضافية لمؤشر الأسعار على المستوى الوطني.
اختلافات بين المدن والمناطق
وبالنظر إلى خريطة المدن، سجلت بعض الحواضر المغربية انخفاضات قوية في الأسعار، إذ جاءت بني ملال وآسفي وطنجة في طليعة المدن التي شهدت أكبر نسب التراجع. بينما عرفت مدن أخرى مثل العيون والحسيمة ومراكش ارتفاعًا طفيفًا في الرقم الاستدلالي للأثمان.
هذه الفوارق تعكس تباين الوضع الاقتصادي بين المناطق، إذ يبقى السياق المحلي لكل مدينة عاملًا مؤثرًا في وتيرة تغير الأسعار.
المقارنة السنوية تكشف تفاصيل جديدة
رغم هذا التراجع المسجل في ماي، إلا أن المقارنة مع نفس الشهر من السنة الماضية تظهر ارتفاعًا سنويًا طفيفًا في مؤشر الاستهلاك، بنسب متقاربة بين المواد الغذائية وغير الغذائية.
وبينما انخفضت أسعار النقل بشكل ملحوظ، شهدت المطاعم والفنادق ارتفاعًا واضحًا في كلفة خدماتها.
التضخم الأساسي.. استقرار مع ارتفاع سنوي
تُسلط مذكرة المندوبية الضوء أيضًا على مؤشر التضخم الأساسي الذي استقر خلال ماي مقارنة بالشهر الماضي، لكنه لا يزال مرتفعًا بنسبة تفوق الواحد بالمائة مقارنة بماي 2024.
ويكتسب هذا المؤشر أهمية خاصة لأنه يستثني المواد التي تعرف تقلبات حادة أو أسعارًا محددة مسبقًا، ما يجعله معيارًا أدق لقياس اتجاهات التضخم الفعلية في البلاد.
قراءة في المشهد الاقتصادي
ما تعكسه هذه المؤشرات هو بداية تحسن نسبي في السوق المغربية، بعد أشهر من التقلبات التي أنهكت الأسر وجعلت القدرة الشرائية موضوعًا يوميًا للنقاش العام.
انخفاض الأسعار في ماي يعطي إشارة أولية لإمكانية تسجيل تراجع في التضخم إذا استمرت دينامية التراجع في أسعار المواد الأساسية.
غير أن هذا التحسن ما زال هشًا، إذ تبقى قدرة السوق على الحفاظ على هذا الاتجاه رهينة بعوامل خارجية وداخلية، مثل أسعار النفط وتقلبات السوق العالمية وتطورات الموسم الفلاحي. ولا تزال فئات واسعة من المغاربة تترقب انعكاس هذه المؤشرات إيجابًا على تفاصيل معيشتها اليومية، سواء في أسعار المواد الأساسية أو تكاليف النقل والطاقة.
أسئلة مفتوحة وانتظارات متواصلة
يبقى السؤال الأهم: هل تواصل الأسعار منحاها التراجعي في الشهور القادمة، أم يعود شبح الارتفاع ليخيم على السوق من جديد؟ الخبراء يرون أن الأمل معقود على مزيد من الإصلاحات ودعم الإنتاج المحلي، في وقت تُعزز فيه الحكومة جهودها لمراقبة الأسعار وحماية القدرة الشرائية.