
لماذا لا تحظى المرأة بمكانتها الحقيقية في السياسة؟
بقلم: غزلان بلحرشي
رغم كل الشعارات التي ترفعها الأحزاب والمؤسسات حول “تمكين المرأة” و”المناصفة”، لا تزال مشاركة النساء في الحياة السياسية ضعيفة، وهامشية، وفي كثير من الأحيان شكلية.
ويبقى السؤال الجوهري هو:
لماذا الرجل لا يزال مفضلًا على المرأة في السياسة؟ ولماذا لا تصل النساء إلى مواقع القرار إلا نادرًا؟
في مجتمعاتنا، ما زالت المرأة تُصوّر على أنها أقل قدرة على القيادة، وأقل حسمًا في اتخاذ القرار. يُقال لها إنها عاطفية، غير جاهزة للمواجهة، أو أن مكانها الطبيعي هو البيت وليس البرلمان أو الحكومة.
هذه الأفكار تُزرع منذ الطفولة، وتُرسّخ في التعليم، والإعلام، وحتى داخل بعض الأحزاب نفسها.
رغم أن بعض النساء تبرزن في الأحزاب، إلا أن الواقع يؤكد أن الكواليس والقرارات تُدار غالبًا من قبل رجال.
المرأة تُدفع أحيانًا إلى الواجهة وقت الحاجة، لكنها تُقصى في لحظة الحسم. وحتى لو حصلت على منصب، يتم التشكيك في كفاءتها أكثر مما يحدث مع الرجل.
المرأة التي تختار المسار السياسي تواجه تحديات مضاعفة:
– صعوبة التوفيق بين العمل السياسي والحياة الشخصية بسبب غياب الدعم.
– التحرش أو التهجم على مظهرها وشخصها بدل أفكارها.
– ضعف التكوين السياسي الموجّه للنساء، وندرة الفرص العادلة.
ويجب ألا نغفل أن بلادنا تزخر بنساء يمارسن السياسة بكفاءة عالية، وبتفانٍ لا يقل عن أي رجل.
هناك نساء أثبتن قدراتهن في تدبير الشأن العام، وفي الحضور الفعّال داخل المؤسسات المنتخبة، وداخل الأحزاب كذلك.
لكن للأسف، رغم كفاءتهن، ما زالت الكثيرات منهن يُواجَهن بعراقيل لا علاقة لها بالجدارة، بل بنظرة مجتمعية وقوانين تنظيمية غير منصفة.
ويجب أن تُعطى المرأة فرصة حقيقية لتثبت نفسها، وتُعبّر عن كفاءتها في فضاء سياسي يحترم المساواة ويؤمن بالشراكة.
التمكين الحقيقي لا يكون فقط بخلق “كوطا” أو تخصيص مقاعد، بل ببناء وعي مجتمعي جديد يُؤمن بالمساواة، ويعترف بأن المرأة قادرة على القيادة، وأن صوتها مهم، ليس لأنها امرأة، بل لأنها مواطنة كاملة الحقوق.
نحن لا نطالب بامتياز للنساء، بل نطالب بحقهن الطبيعي في الحضور، التأثير، واتخاذ القرار.
فالسياسة بدون نساء، تبقى ناقصة، ولا تعكس واقع المجتمع، ولا تنصف نصفه.






