
كبسولات بنسعيد.. عندما يتحول المال العام إلى هدايا موسمية
حين يُسأل المغاربة عن أكبر إنجازات وزارة الشباب والثقافة في عهد محمد المهدي بنسعيد، سرعان ما يتبادر إلى الأذهان مشهد الكبسولات الإعلامية التي كلفت الملايين، ووزعت كالهدايا على شركات تحيط بها هالة من “الحظوة” ودفء العلاقات.
الأمر لم يعد مجرد حديث عابر أو شكوى متداولة بين رواد مواقع التواصل، بل أصبح واقعًا يفضح كيف يتحول المال العام إلى أداة لتقوية المصالح الضيقة على حساب الثقافة والشباب.
شركات “محظوظة” والشفافية الغائبة
الغريب في عهد بنسعيد أن شعار التحديث والابتكار صار ستارًا تخفى خلفه صفقات مشبوهة.
شركات بعينها تتصدر قوائم المستفيدين من صفقات إنتاج الكبسولات وتدبير الأنشطة والمشاريع، في مشهد يعيد للأذهان لعبة الكراسي الموسيقية، حيث يربح من يعرف الإيقاع جيدًا فقط. دفاتر التحملات، كما تشير مصادر مطلعة، صارت مفصلة على مقاس مقاولات محددة، ما يجعل من المنافسة مجرّد مسرحية بلا جمهور.
تبذير بلا أثر.. وأحلام الشباب معلّقة
من السهل أن تبهرنا الوزارة بكبسولات جديدة هنا وهناك، لكن الأصعب أن يجد شاب مغربي فضاءً يحقق فيه شغفه، أو يطالع كتابًا في مكتبة عامة تليق بتطلعاته.
في المقابل، تتهاوى الملايين على مشاريع شكلية عابرة، بينما تبقى البنيات التحتية للثقافة والشباب رهينة للإهمال والنسيان. الكل يسأل اليوم عن جدوى هذه “الابتكارات” التي لا تعيش سوى في دفاتر الحسابات وأحلام الشركات المحظوظة.
الرقابة تغمض عينيها.. والمال العام في مهب الريح
مثير للاستغراب أن مؤسسات الرقابة المالية، التي يفترض أن تدقق في كل درهم من المال العمومي، تكتفي بالمراقبة عن بعد، وكأن الأمر لا يعنيها. غابت الشفافية واختفى مبدأ تكافؤ الفرص، لتتحول الوزارة إلى مكتب توزيع للصفقات النموذجية التي لا يرى المغاربة منها سوى شعارات فارغة.
متى ينتهي زمن المشاريع الموسمية؟
الأسئلة تتزايد حول مصير المال العام وغياب رؤية تنموية حقيقية. لماذا تُنفق الملايين على كبسولات إعلامية بلا مضمون، في حين يحتاج الشباب إلى فرص فعلية للابتكار، وتحتاج الثقافة إلى مشاريع راسخة تخلّدها الأجيال؟
حتى الآن، الجواب الوحيد الذي يسمعه الرأي العام هو مزيد من الصمت ومزيد من الاحتفال بصفقات لا أثر لها سوى في تقارير الوزارات وصفحات المستفيدين.