قاآني يفاجئ الجميع بظهوره في طهران ويفنّد شائعات اغتياله

في مشهد قلب كل التوقعات وأربك حسابات الإعلام والمحللين، ظهر اللواء إسماعيل قاآني، قائد فيلق القدس بالحرس الثوري الإيراني، وسط الجماهير في قلب طهران، بعد ساعات فقط من انتشار شائعات واسعة عن مقتله خلال القصف الإسرائيلي الذي استهدف مواقع عسكرية داخل إيران.

وبينما كان البعض ينتظر تأكيداً رسمياً من السلطات الإيرانية حول مصير الرجل، جاءت اللقطة الحية من ساحة الثورة بمثابة الرد الأكثر بلاغة على كل التكهنات.

شائعات الاغتيال تتهاوى أمام الكاميرات

عاشت الساحة الإعلامية على وقع تقارير متضاربة، بعضها نقله الإعلام العبري عن صحيفة نيويورك تايمز، مفادها أن اللواء قاآني قضى نحبه في غارة إسرائيلية شرسة أودت بحياة قادة بارزين من الحرس الثوري، بينهم القائد العام حسين سلامي. ومع تسارع الأنباء وبقاء طهران صامتة، بدا للكثيرين أن غياب قاآني عن المشهد يؤكد رواية الاغتيال، خصوصاً مع تأخير أي تعليق رسمي من السلطات.

لكن ظهور اللواء بنفسه، خلال احتفالات النصر بساحة الثورة، أجهض تلك الشائعات وأعاد ترتيب أوراق المشهد السياسي والعسكري في المنطقة. فقد أطل الرجل على الجماهير وهو يشارك في احتفالات وصفت بأنها استعراض للقوة والوحدة الوطنية، في لحظة كانت تتطلب رسائل طمأنة في الداخل والخارج على حد سواء.

احتفال في قلب التوترات الإقليمية

تزامن حضور قاآني مع إعلان وقف إطلاق النار بين إيران وإسرائيل، بعد أسابيع من التوتر العسكري الذي وصل ذروته بقصف استهدف مواقع استراتيجية إيرانية. وكان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قد أعلن دخول اتفاق وقف التصعيد حيز التنفيذ صباح اليوم نفسه، وهو ما منح مشهد ظهور قائد فيلق القدس في الشارع طابعاً رمزياً شديد الدلالة.

الجماهير الإيرانية لم تخف ارتياحها وافتخارها بعودة أحد رموز المؤسسة العسكرية إلى الواجهة، بينما تناقلت وسائل الإعلام المحلية والدولية مقاطع الفيديو التي أظهرت قاآني مبتسماً وسط موجة من الهتافات المؤيدة للجيش الإيراني وعملية “بشارة الفتح” التي أريد لها أن تكون عنواناً للصمود وردع الأعداء.

تضارب الروايات وتثبيت الحضور

مثير للسخرية أن كل الأخبار التي اعتمدت على مصادر “مطلعة” و”تسريبات عسكرية” طارت أدراج الرياح في لحظة، حين ظهر قاآني بين صفوف أنصاره، ليؤكد أن الصراع اليوم لم يعد محصوراً في ميدان القتال، بل أصبح معركة صور ومعلومات ومواجهة يومية مع الشائعات والحرب النفسية.

في الوقت ذاته، اختارت السلطات الإيرانية مواصلة سياسة الغموض الاستراتيجي، فلم تصدر حتى الآن أي بيان رسمي يكشف تفاصيل ما جرى، مكتفية بمشهد الرجل واقفاً شامخاً، ما منح ظهوره قوة رمزية إضافية في معركة أصبحت فيها الصورة أقوى من الكلمات.

رسائل أبعد من حدود إيران

أبعد من اللحظة الآنية، كان لظهور قاآني أثره العميق على المشهد الإقليمي والدولي، فقد حمل رسالة واضحة للخصوم بأن إيران قادرة على امتصاص الصدمات وتجاوز موجات التشويش الإعلامي، وتوجيه رسائل مباشرة بأن “القادة حاضرون في الميدان مهما اشتدت المعركة”.

وتبقى كل التحليلات والافتراضات معلقة في هواء المنطقة الساخن، بينما تواصل طهران استثمار لحظات الصدمة لتثبيت حضورها في معادلة الصراع، وإعادة رسم حدود المواجهة، ليس فقط عبر العمليات العسكرية، بل أيضاً عبر استراتيجيات الاتصالات والصور التي لا تقل ضراوة عن لغة السلاح.

Exit mobile version