الجزائر تسير عكس التيار العربي: موقف رمادي يثير التساؤلات

بينما سارعت معظم العواصم العربية إلى إصدار مواقف واضحة تدين الهجوم الصاروخي الإيراني على قاعدة “العديد” الأمريكية بقطر، بدا أن الجزائر اختارت طريقا مختلفا تمامًا. في هذا السياق، اكتفى بيان وزارة الخارجية الجزائرية بتعبيرات عامة عن “شديد انشغالها وبالغ قلقها”، من دون أن يجرؤ على تسمية الفاعل، رغم أن إيران نفسها أعلنت مسؤوليتها عن الهجوم بكل وضوح.

البيان الرسمي: غموض أكثر من الموقف

من جهة أخرى، لم يتطرق البيان الجزائري إلى أي طرف صراحة، مفضلا الاكتفاء بعبارات فضفاضة حول “انتهاكات سيادة دولة قطر”. وبينما شددت الجزائر على “إدانة هذه الانتهاكات الصارخة”، لم تكن هناك أي إشارة مباشرة إلى طهران. هكذا، تركت الجزائر الباب مواربًا لكل التفسيرات، وأثارت استغراب المتابعين الذين اعتبروا هذا الصمت نوعًا من المراوغة الدبلوماسية التي لم تعد تقنع أحدًا في المنطقة.

ردود فعل غاضبة وسخرية على الموقف الجزائري

بطبيعة الحال، لم تمر هذه اللغة الرمادية مرور الكرام على الرأي العام العربي. إذ عبرت العديد من المنصات الإعلامية والنشطاء على مواقع التواصل عن استغرابهم، بل وسخريتهم من محاولة الجزائر البقاء في “منطقة اللا موقف”. وفي الوقت نفسه، حمّلت عواصم عربية كثيرة إيران المسؤولية، بينما آثرت الجزائر تمييع القضية بعبارات تتحدث عن الاحتلال الإسرائيلي كفاعل غير مباشر، وكأنها تبحث عن مخرج يحفظ توازنها الاستراتيجي مع طهران.

أزمة دبلوماسية وتآكل المصداقية

على هذا الأساس، يمكن القول إن سياسة الحياد المبهم لم تعد تخدم صورة الجزائر الخارجية. فمع تكرار مثل هذه المواقف في الأزمات العربية، تفقد الدبلوماسية الجزائرية وزنها وقدرتها على التأثير، خاصة وأن التحديات الإقليمية تتطلب مواقف واضحة، وليس مجرد بلاغات حذرة تشعل الشكوك بدل أن تطفئها.

إلى أين تمضي الجزائر؟ قراءة في لغة الغموض

من الواضح إذن، أن الجزائر لا تزال تفضل اللعب على الحبال في علاقاتها الإقليمية، متناسية أن الغموض لم يعد حلاً في زمن أصبحت فيه المواقف الشجاعة نادرة. وبينما يطالب الرأي العام العربي بمزيد من الوضوح والشفافية، تصر الجزائر على استحضار دبلوماسية “الوسيط القلق”، في حين أن الأزمات الكبرى تحتاج إلى حضور أقوى وصوت أعلى.

Exit mobile version