في أروقة وزارة الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والتشغيل والكفاءات، خرج قرار إعفاء إيمان بلعاطي من منصبها كمديرة عامة للوكالة الوطنية لإنعاش التشغيل والكفاءات ليكشف الغطاء عن حرب خفية بين بعض وزراء حزب PAM.
قرار الإعفاء الذي تم تسريبه على غير العادة، لم يكن مجرد خطوة إدارية عابرة، بل كان أشبه برصاصة أعلنت بداية معركة النفوذ والتصريحات المبطنة وسط أغلبية حكومية لم تعد قادرة على إخفاء تصدعاتها الداخلية.
حرب خفية “أنابيك” بين مطرقة السكوري وسندان بنسعيد
منذ وصول إيمان بلعاطي إلى الرباط قادمة من طنجة، عقب تعيينها مديرة عامة للوكالة، بدأت ملامح الخلاف تظهر مع الوزير يونس السكوري، الذي انتزعها من منصبها السابق وأدخلها في دوامة من الترقب الإداري والتوجيهات الغامضة. الخلاف لم يكن وليد اليوم، بل انطلق مع بروز ملف شراكة بين “أنابيك” ووزارة الشباب والثقافة والتواصل، التي يديرها محمد المهدي بنسعيد، زميل السكوري في الحزب وخصمه في معركة النفوذ داخل الحكومة.
مبادرة بنسعيد كانت واضحة: إطلاق مشروع يتيح للشباب الاستفادة من خدمات متعددة تشمل التكوين والتشغيل ضمن مقاربة شاملة تتطلب دعمًا من قطاعات حكومية متنوعة، وعلى رأسها “أنابيك”. لكن الرياح لم تجر بما اشتهت سفن الوزارتين، إذ طلب السكوري من بلعاطي التريث وعدم الاستعجال في توقيع الاتفاقية، وسط استغراب الجميع من منطق “الفرملة” غير المفهوم.
حرب خفية..شباب خارج الحسابات وخطاب “الأعداء” يهيمن
مفاجأة المشهد انفجرت حين وضعت بلعاطي على طاولة الوزير مشروع اتفاقية تتيح لثلاثة آلاف شاب ممن تقل أعمارهم عن ثلاثين سنة الاستفادة من التكوينات والتشغيل، ليتلقف الوزير المشروع برد صادم: “إنهم أعداؤنا”. هكذا تحولت المبادرة الاجتماعية إلى ذريعة لتصفية الحسابات الداخلية وإقصاء فئات شابة من حقها في الاستفادة، لمجرد أن الصراع السياسي بين الوزراء بلغ مرحلة كسر العظم.
ردة الفعل هذه لم تمر مرور الكرام، فقد كشفت حجم الشرخ التنظيمي داخل الأغلبية الحكومية، وأعادت إلى الواجهة سؤال الحكامة داخل مؤسسات من المفترض أن يكون همها الأول هو المصلحة العامة وتوفير فرص للشباب، لا حسابات ضيقة تدار في كواليس السياسة.
من يتحمل … المسؤولية في تعطيل فرص الشباب؟
الغريب أن ملف الشراكة بين “أنابيك” ووزارة الشباب لم يكن ليرى النور أساسًا لولا أن الحاجيات الملحة للشباب المغربي فرضت نفسها في سياق تتعالى فيه الأصوات للمطالبة بحلول واقعية لأزمة البطالة وانسداد الآفاق. غير أن منطق تصفية الحسابات الحزبية، وسياسة شد الحبل بين الوزراء، حولا مشروع الشراكة إلى ساحة معركة خاسرة، كان ضحيتها الأولى شباب ينتظر بارقة أمل.
خلاصات وتوصيات: هل تتدخل الحكومة لإعادة التوازن؟
هذا النزاع الصامت الذي انفجر إلى العلن يستدعي اليوم تدخلاً عاجلًا من رئيس الحكومة لوضع حد لهذه الفوضى وإعادة الاعتبار لمؤسسات التشغيل التي تمثل أمل آلاف الباحثين عن عمل. فإذا استمر الوزراء في إدارة ملفات الشباب بعقلية “الأعداء”، فلا أمل في تصحيح مسار التنمية أو بلوغ أهداف النموذج التنموي الجديد.