تزوير ملفات التعويض عن المرض يورط أطباء بمكناس ويشعل التحقيقات

لا يكاد يمر شهر في المغرب إلا وتطفو على السطح قضايا فساد تهز مؤسسات عمومية، غير أن فضيحة تزوير ملفات التعويض عن المرض بمدينة مكناس هذه المرة جاءت لتثير القلق والجدل معًا، بعدما كشفت التحقيقات الجارية عن شبكة منظمة استغلت ثغرات النظام وحولت المرضى إلى أرقام في ملف التلاعب بالمال العام.

بداية القصة: صندوق الضمان الاجتماعي يقرع جرس الإنذار

الأمر لم يعد مجرد إشاعة تتداولها المجالس، بل تحول إلى قضية رأي عام مع خروج مصالح صندوق الضمان الاجتماعي عن صمتها، وتقديم شكاية رسمية للنيابة العامة حول اكتشاف عدد من ملفات التعويض عن المرض المزورة.

هذه الملفات لم تكن سوى واجهة لاستنزاف أموال الصندوق، فقد استفاد من ورائها أشخاص من مبالغ مالية مهمة دون وجه حق، بينما أدرجت فيها توقيعات وخواتم أطباء وصيدليات ومصحات بعضها معروف في المدينة.

تحرك النيابة العامة وفتح التحقيقات..تزوير

النيابة العامة بمكناس تعاملت مع الملف بجدية بالغة، إذ أعطت تعليمات فورية لعناصر الشرطة المختصة لفتح تحقيق دقيق في الموضوع. التحقيقات انطلقت على أكثر من صعيد، واستهدفت كل حلقة يُمكن أن تكون قد شاركت أو سُخّرت لتسهيل مرور الملفات المزورة.

لم تمض أيام حتى جرى اعتقال عدد من المشتبه فيهم من بينهم أربعة أشخاص يعملون في إحدى المقاهي بالمدينة الجديدة حمرية، ما كشف أن دائرة التورط لا تقتصر فقط على المشتغلين في القطاع الصحي بل تمتد إلى عناصر أخرى من خارج الوسط الطبي.

أطر طبية وتمريضية في دائرة الشك

مفاجآت التحقيق لم تتوقف عند هذا الحد، إذ سرعان ما طفت أسماء أطر طبية وتمريضية على السطح. هؤلاء وجدوا أنفسهم أمام مساءلة إدارية وقضائية بعد أن وُجدت توقيعاتهم وأختامهم في ملفات التعويض المزورة.

ورغم أن بعضهم يؤكد أنه ضحية تلاعب وأن توقيعه استُغل من دون علمه، إلا أن الشبهات لا تزال تحوم حول إمكانية وجود تواطؤ داخلي يسهل مثل هذه العمليات.

كيف جرى التلاعب ومن المستفيد الحقيقي؟

القصة تتلخص في استغلال الحاجة والفراغ الرقابي، حيث اعتمدت الشبكة على تقديم ملفات مرضية وهمية مزودة بتقارير طبية مزورة تحمل أختام أطباء ومصحات معروفة.

بعد ذلك يُودع الملف لدى صندوق الضمان الاجتماعي، ليحصل صاحب الطلب على مبالغ مالية باسم المرض، بينما لم يدخل المستشفى أصلا ولم يشترِ الدواء يوما. المستفيدون كثر، بعضهم موظفون صغار، وبعضهم عناصر لها صلة بالمجال الصحي، فيما تبقى الحلقة الأكثر خطورة في صمت بعض المصحات أو تغاضيها عن تتبع هذه التلاعبات.

تداعيات الفضيحة وأسئلة تنتظر الإجابة

هذه الفضيحة تعيد النقاش حول ضعف الرقابة في المنظومة الصحية والاجتماعية، وتطرح علامات استفهام كبيرة حول مدى فعالية التدابير الحالية لرصد التزوير في ملفات التأمين والتعويض.

كما تثير تساؤلات حول مصير المرضى الحقيقيين الذين تضرروا من تحويل الأموال المخصصة لهم إلى جيوب محترفي الاحتيال.

من جانب آخر، ما تزال التحقيقات جارية، إذ يُتوقع أن تظهر أسماء جديدة في هذا الملف، خاصة مع توسيع دائرة البحث ليشمل كل الأطراف التي ظهرت أسماؤها أو أختامها في الملفات المشبوهة.


Exit mobile version