
البيصارة… دبلوماسية السيمو الخارقة
البيصارة… دبلوماسية السيمو الخارقة
في زمن تتحرك فيه الدبلوماسية المغربية بدقة عقارب الساعة، يقودها الملك محمد السادس بثبات وهدوء على رقعة السياسة الخارجية، يخرج علينا برلماني من “النوع النادر”، ليخبرنا – بكل فخر – أن إنجازاته في القصر الكبير تفوق مجهودات وزارة الخارجية نفسها. نعم، الأمر ليس نكتة. الرجل قالها بجدية: البيصارة هي السر.
السيمو، الذي يمثل حزب التجمع الوطني للأحرار في البرلمان، صرّح – دون أن يرف له جفن – بأنه استطاع جلب أكثر من ثلاثين سفيرًا إلى القصر الكبير. ولأنه يحب الحكايات الشعبية، اختار أن يجعل من طبق “البيصارة” نجم الحدث، ناسفًا بذلك أعوامًا من الاشتغال الدبلوماسي، ونقاشات مضنية تجري خلف الكواليس، ومفاوضات لا تتوقف في كواليس الأمم المتحدة ومراكز القرار العالمي.
ما حدث ليس مجرد زلة لسان، بل هو أسلوب حياة سياسي لدى الرجل. نفس البرلماني لم يتردد في اقتحام ساحة البرلمان بعد خطاب العرش، ليرفع شعارًا شعبويًا أمام الكاميرات: “موت موت يا العدو والملك عندو شعبو!”… شعار لا يليق بمؤسسة تشريعية يُفترض أن تكون عقل الدولة، لا فمها المندفع.
قياديون من داخل الحزب نفسُه لم يخفوا انزعاجهم، واتصلوا بالسيمو لتنبيهه بأن الحديث في ملفات مثل قضية الصحراء المغربية لا يحتمل الارتجال، ولا يجوز أن يُستخدم في سياق تهكمي أو استعراضي. لأن الأمر لا يخصّ دائرة انتخابية، بل سيادة وطن كلّفَ الدفاع عنها تضحيات وأرواحًا ودهاء سياسيًا لا يُقاس بصحن “بيصارة”.
لكن، يبدو أن السيمو يرى الأمور بمنظور آخر. فبدلًا من الانضباط لروح المسؤولية، يفضل اللعب في منطقة العناوين المدوية والتصريحات العجائبية. وبذلك، يتحول من نائب يمثل الأمة، إلى مادة دسمة لرواد مواقع التواصل و”سكيتشات اليوتيوب”.
ما لا يدركه السيمو، أو ربما يتجاهله عمدًا، هو أن السياسة ليست مجرد “شو إعلامي”، وأن الملفات الكبرى تحتاج إلى وقار وهيبة وتراكم خبرة، لا إلى وصفات مطبخية. لأننا إن اختزلنا ملف الصحراء المغربية في “قُطّانة بالثوم وزيت الزيتون”، فقد نكون فعلاً على أبواب نكسة فكرية قبل أن تكون سياسية.






