الاستقلال..من فندق فاخر بالعاصمة، حيث الطاولات تُزيَّن لا بالحقيقة بل بالأطباق، ومن تحت ثريات من البلّور لا من القيم، اجتمع نزار بركة ببرلمانيي حزبه حول مائدةٍ لا تُشبه لا الوطن ولا الشعب.
لقاء لم يحمل رائحة الشعب ولا وجعه، بل ساد فيه “الاعتقاد” بأن لا أزمة في البلاد، لا غلاء، لا معاناة، لا حريق في الجيوب ولا في أرواح الفقراء.
اللقاء كان أشبه بجلسة “تدليك سياسي” لنُوّاب يُفترض أنهم يمثلون أحياءً شعبية لا تدخلها حتى شاحنات النظافة، فكيف تدخلها قرارات نزار الذي بات أكثر رهافة من اللازم تجاه الحكومة، خصوصاً تجاه شريك الصمت والصفقات… عزيز أخنوش.
نزار بركة… مدافع عن الغلاء بكل ثقة
حين حاول نائب استقلالي من آكادير أن يعيد الحزب إلى ضميره، وسأل عن غلاء “المازوط”، جاء الرد من الأمين العام ببرود بيروقراطي لا يليق بمن يفترض أنه صوت المعارضة داخل الحكومة. قال نزار: “قطاع المحروقات يخضع للمراقبة، ومجلس المنافسة يقوم بدوره”… وكأن المغاربة لا يرون الأسعار، ولا يحسبون الفرق، ولا يكتوون في صمت.
نزار لم يدافع عن حكومةٍ يشارك فيها حزبه، بل عن حكومة يُسَيّرها أخنوش. لم يدافع عن الاستقلال، بل عن محطات إفريقيا. لم يقف مع الفقراء، بل وقف جنب من يملك حق رفع الأسعار وحق إسكات الأصوات.
نزار النسخة الجديدة: حارس مرمى مصالح لا علاقة لها بالشعب
ما الذي تغيّر؟ ما الذي يجعل الأمين العام لحزبٍ وُلد من رحم المقاومة، ينقلب إلى مدافع عن “الشناقة” الذين يمتصون دم الفقراء كما يُمتص الوقود في محطات لا ترحم؟
لماذا صمت نزار؟
ولماذا برّر وغطّى وسكت عن كل ما كان يجب أن يُقال بصوت مرتفع؟
في اللقاء نفسه، نطق نائب استقلالي آخر بالحقيقة المحرجة: “الأحرار سيكتسحون الانتخابات المقبلة، لأنهم يملكون المال الذي لا نملكه”…
المال الانتخابي أصبح الغول الحقيقي، ونزار لم يُحرك ساكناً
ولم يقُل: كفى
بل قال: لا داعي للقلق!
هل هذا هو حزب علال الفاسي؟
كان يفترض أن يكون حزب الاستقلال صوتاً صادحاً بالمواقف
لكننا أمام حزب يُساق بعقلية “شراكة” لا تعترف لا بقاعدة شعبية ولا ببرنامج سياسي مجلس المنافسة ليس ضميراً وطنياً والصمت ليس حكمة والتواطؤ ليس سياسة!
سؤال أخير لنزار… أين ذهبت “اتقوا الله في المغاربة”؟
نزار بركة قالها يوماً لباعة الخضر: “قلّصوا من أرباحكم واتقوا الله في المغاربة”
لكن اليوم، أمام شركات المحروقات، وأمام من يتحكم في السوق… تلعثم نزار، صمت نزار، ثم دافع نزار فهل نصدق نزار الأول؟
أم نزار النسخة التي تناسب العشاءات الهادئة؟
نزار بركة لم يعد صوت حزب بل ظل خافت لحكومة ظل خافت لرجل أعمال
ظلٌّ لا يهدد السلطة بل يطمئنها والشعب؟
هو الوحيد الذي ينتظر إجابة من نزار…لكن يبدو أن المائدة الفاخرة لا تترك وقتاً للأسئلة.