حملة وطنية لإدكاء الوعي بالإعاقة: المغرب يفتح ورش الكرامة والحقوق من جديد

مراكش – غزلان بلحرشي

في أجواء يسودها التفاؤل والمسؤولية، شهدت مدينة مراكش مساء الثلاثاء حدثاً استثنائياً مع إسدال الستار على الحملة الوطنية الأولى لإدكاء الوعي بالإعاقة، المبادرة التي أطلقتها وزارة التضامن والإدماج الاجتماعي والأسرة في سياق تغيير جذري لنظرة المجتمع المغربي تجاه الأشخاص في وضعية إعاقة.

كان اللقاء الختامي مناسبة للتأكيد على مسار طويل من الإصلاحات والتراكمات، وفسحة أمل لمجتمع أكثر إنصافاً واندماجاً.

الإدماج الاجتماعي وكرامة الأشخاص في صميم الحملة

في تصريح عبد الجبار الرشيدي كاتب الدولة المكلف بالإدماج الاجتماعي، بدا واضحاً أن الحملة لم تكن مجرد شعارات أو لحظة عابرة في الأجندة الرسمية، بل خطوة عملية تسعى إلى زعزعة الصور النمطية المتجذرة وتبديل العقليات التي لطالما اختزلت ذوي الإعاقة في زوايا التهميش والنسيان.

أكد الرشيدي أن الوزارة تشتغل بجدية على تعزيز حقوق هذه الفئة وضمان حمايتهم الاجتماعية الكاملة، مع تركيز خاص على إدماجهم في سوق الشغل وضمان وصولهم إلى التعليم والصحة والحياة الكريمة، مع الإيمان بأن الكرامة لا تتجزأ ولا تقبل النقاش.

الولوجيات للجميع: حلم يقترب من التحقيق

الحدث حمل معه أيضاً بشائر جديدة على مستوى تعميم الولوجيات، إذ جرى توقيع اتفاقية جديدة مع جماعة تورنت، ضمن طموح أوسع ليشمل جميع الأقاليم المغربية. فالحق في الولوج إلى الفضاءات العمومية ليس ترفاً، بل ركن أساسي من حقوق المواطنة المتساوية، وورشة يحظى برعاية خاصة من الملك محمد السادس ويعد جزءاً من المشروع المجتمعي للدولة الاجتماعية.

الحملة في سياق دولي ودستوري

انطلقت الحملة التحسيسية وهي تتنفس من رئة الدستور المغربي الذي ينص على ضرورة وضع سياسات مندمجة للأشخاص في وضعية إعاقة وتوفير الحماية والخدمات الأساسية لهم.

ويُذكر أن المغرب صادق على الاتفاقية الدولية لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة وبروتوكولها، كما أطلق بطاقة “معاق” لتسهيل الاندماج الاجتماعي، إلى جانب شراكات مع الجماعات المحلية والمجتمع المدني لتحسين ظروف العيش والتأهيل.

تحفيز الإعلام وتغيير الصورة النمطية

الوزارة جعلت من الإعلام شريكاً في هذا الورش الوطني، بتشجيع الصحفيين والمؤثرين على تصحيح الصور النمطية والتخلي عن الأحكام المسبقة، فالأشخاص في وضعية إعاقة ليسوا عبئاً على المجتمع، بل طاقات حية وإمكانات حقيقية، إذا أتيحت لهم الفرصة وجدوا السبيل إلى الإبداع والعطاء. لهذا جاء التركيز على بث رسائل الحملة عبر المنصات الرقمية ووسائل الإعلام الجماهيرية، لنشر ثقافة حقوقية دامجة ومناهضة للتمييز.

أهداف واضحة ومحاور عملية

انطلقت الحملة لتحقيق هدف أساسي: تعزيز الوعي بقضايا الإعاقة، وتغيير العقليات والتصورات المجتمعية السلبية، عبر إبراز حقوق وإمكانات الأشخاص في وضعية إعاقة، ومحاربة الوصم الاجتماعي. كما تسعى الوزارة إلى إشراك الفاعلين العموميين والخواص والجمعيات، لتأطير المؤسسات وتوفير بيئة دامجة حقيقية، مع التركيز على تحسين الولوجيات في الطرقات والمرافق العمومية.

نحو مجتمع أكثر عدلاً واندماجاً

الرسالة الكبرى لهذا الحدث: المغرب يتجه نحو ترسيخ ثقافة مجتمعية قائمة على المساواة وعدم التمييز، حيث يجد الأشخاص في وضعية إعاقة مكانهم الطبيعي في المدرسة والعمل والحياة العامة.

ولعل الحملة الوطنية الأولى لإدكاء الوعي بالإعاقة ليست إلا خطوة أولى في مسار طويل، لكنه ضروري لبناء مغرب يحتفي بجميع أبنائه دون استثناء.

Exit mobile version