حالة طوارئ صامتة في تارودانت: صحة المواطنين على المحك

لم يعد مشهد عربات الأسماك المجَرورة والدراجات النارية ثلاثية العجلات مشهدًا غريبًا في شوارع مدينة تارودانت، بل صار جزءًا من المشهد اليومي الذي يؤرق بال السكان ويثير مخاوفهم بشأن صحة عائلاتهم. ففي ظل صيف قائظ وأجواء حارة، يجد المواطنون أنفسهم أمام مواد غذائية توزع في ظروف غير صحية، دون أدنى رقابة أو التزام بالمعايير المعتمدة لنقل المنتجات البحرية.

تارودانت..أساليب عشوائية تكشف هشاشة المراقبة

لا تحتاج إلى كثير من التدقيق حتى تكتشف حجم العشوائية التي تطبع عملية توزيع الأسماك في المدينة. معظم الباعة يعتمدون على وسائل نقل لا تضمن أدنى شروط السلامة، ما يجعل الأسماك عُرضة للتلوث والفساد، ويعرّض المستهلكين لأمراض خطيرة قد تبدأ بتسمم غذائي ولا أحد يعلم أين تنتهي. فالدراجات النارية والعربات المجرورة ليست إلا وسيلة سريعة لنقل السمك، لكنها بالتأكيد ليست وسيلة آمنة أو معتمدة من أي جهة مختصة.

أين الجهات المسؤولة؟ تساؤلات بلا إجابة

وسط هذا الواقع المقلق، تتصاعد الأصوات المطالبة بتدخل عاجل من الجهات الصحية، وعلى رأسها القسم الصحي للجماعة والمصالح المختصة بالعمالة. فالمواطنون اليوم لا يطالبون سوى بحق بسيط: حماية صحتهم وسلامة غذائهم. غير أن الاستجابة لا تزال دون المستوى، فيما تبقى عمليات المراقبة شبه غائبة، وتستمر السلع المعروضة في الأسواق الشعبية في الوصول إلى موائد الأسر دون أدنى فحص أو رقابة حقيقية.

دعوات للتحرك قبل فوات الأوان

ما يحدث اليوم في تارودانت ليس قضية معزولة أو مؤقتة، بل هو مؤشر خطير على هشاشة نظام مراقبة جودة الأغذية في المدينة. ويبدو أن الوقت قد حان لوقفة جادة، يتكاتف فيها الجميع، من سلطات محلية إلى مجتمع مدني، من أجل إعادة ترتيب الأولويات وضمان أن لا تبقى صحة المواطن آخر ما يُنظر إليه في السياسات العمومية. فسلامة الغذاء لم تعد مجرد رفاهية بل صارت حقًا دستوريا، والسكوت عن هذا الواقع هو تواطؤ غير معلن مع مظاهر العشوائية والاستهتار.

الخلاصة: صحة تارودانت ليست لعبة

تبقى رسالة المواطنين واضحة وصريحة: كفى تجاهلًا لمخاطر تهدد حياتهم يوميًا. المطلوب اليوم ليس أكثر من تطبيق القوانين وتفعيل آليات المراقبة بصرامة، حتى يعود للمنتج البحري قيمته الغذائية، بعيدًا عن طرق النقل البدائية والأساليب التي عفا عنها الزمن.

Exit mobile version