
المهرجانات بين وعود الوزير وحقيقة نصيب الفنانين
المهرجانات بين وعود الوزير وحقيقة نصيب الفنانين
المهدي بنسعيد يطل علينا هذا الصيف كعرّاب الفرح ومهندس الرواج الاقتصادي، يحدثنا بثقة عن المهرجانات التي تنعش المدن وتخلق فرص العمل وتحوّل الشوارع إلى لوحات فنية، وكأننا نعيش مهرجانًا دائمًا من الرفاهية والازدهار.
كلام جميل يصلح لواجهة نشرة إخبارية، لكنه على أرض الواقع يشبه إعلانًا سياحيًا أكثر من كونه سياسة ثقافية حقيقية.
المسألة ليست في حبنا للموسيقى أو احتفائنا بالفنون، نحن شعب يفرح بأقل الإمكانيات، لكن حين نرى الميزانيات تنزلق بسلاسة نحو الفنانين الأجانب، نبدأ في طرح الأسئلة، لا لأننا ضد استضافة النجوم، بل لأننا نتساءل عن جدوى استدعاء أصوات تأتي في طائرة خاصة وتغادر بجيوب منتفخة، بينما أصواتنا المحلية تظل عالقة في قوائم الانتظار.

وزير الثقافة يتحدث عن الرواج وكأن هذا الرواج هو معجزة اقتصادية تصنعها الحفلات، لكننا نعرف أن المحلات نفسها ستغلق أبوابها بعد انتهاء المهرجان، وأن الفنادق ستعود إلى مقاعد الفراغ، وأن الشباب الذين كانوا يبيعون الماء أو يوزعون المنشورات سيعودون إلى مقاعد البطالة.
المضحك في الأمر أن هذا “الاستثمار الثقافي” لا يترك وراءه إلا صورًا على إنستغرام وبيانات رسمية متفائلة، بينما الواقع يخبرنا أن الفنان المغربي، الذي تعب وشقي ليصل إلى جمهوره، لا يجد فرصة إلا حين يقرر الوزير أن يكون “كريمًا” ويمنحه دقائق على هامش الحفل.
الثقافة ليست ديكورًا لتلميع صورة الحكومة، ولا منصة لتوزيع الابتسامات أمام الكاميرات، هي مشروع طويل المدى، يستثمر في المدارس والمعاهد والمسارح، لا في عقود ليلة واحدة.
لكن يبدو أن معالي الوزير يؤمن بأن الاقتصاد والثقافة يمكن اختصارهما في ثلاث ليالٍ من الموسيقى المستوردة، وهذا اختزال لا يخدم إلا السيرة الذاتية لمنظمي الحفلات، لا مستقبل الفن المغربي.
في النهاية، إذا كان الهدف هو تنمية الاقتصاد فعلاً، فالرهان على الفنان المغربي هو الضمانة، أما الرهان على أسماء عابرة فليس سوى استعراض سياسي بموسيقى خلفية عالية… موسيقى قد تُغطي على الواقع قليلًا، لكنها لا تستطيع تغييره.






