يشهد المغرب في السنوات الأخيرة موجات حر غير مسبوقة، أفرزت معها قلقًا متزايدًا في أوساط المهنيين الفلاحيين. ومع تصاعد درجات الحرارة وغياب التساقطات، دق الفلاحون ناقوس الخطر بشأن مستقبل المحاصيل الزراعية، وخاصة الخضر والفواكه والزيتون، في ظل استمرار القيود الصارمة المفروضة على السقي.
الحرارة تشتد والفلاحون يدفعون الثمن
خلف الأرقام الرسمية والتقارير التقنية، تبرز معاناة حقيقية للفلاح المغربي، الذي وجد نفسه في قلب معادلة صعبة بين المحافظة على أنشطته الإنتاجية وضرورة احترام الإجراءات الحكومية المفروضة بفعل أزمة الجفاف الممتدة لستة مواسم متتالية. فالأولوية، حسب الحكومة، يجب أن تمنح لتوفير مياه الشرب للسكان، مما دفع السلطات إلى فرض حظر السقي في مناطق عدة، ومنع حفر الآبار الجديدة. لكن هذه الإجراءات جعلت كثيرًا من الفلاحين يضطرون لتوقيف أعمالهم أو تقليص المساحات المزروعة، وسط حالة من التخوف من خسائر قد تعصف بمصدر رزق آلاف الأسر القروية.
نداء صريح للوزير: افتحوا باب السقي أو انتظروا أزمة الأسواق
وفي خضم هذه الأجواء الملتهبة، خرجت الكونفدرالية المغربية للفلاحة والتنمية القروية بصرخة استغاثة، عبر أحد ممثليها، مطالبة وزير التجهيز والماء، نزار بركة، بضرورة مراجعة القيود المفروضة على السقي، ولو بشكل جزئي ومدروس. وحذر المصدر ذاته من أن مواصلة العمل بهذه القيود ستؤدي إلى مشاكل حقيقية في تزويد الأسواق المغربية بالخضر والفواكه في الشهور القادمة، وربما تشهد الأسعار ارتفاعات صاروخية تضعف القدرة الشرائية للمواطنين وتؤثر على التوازن الغذائي للأسر.
الموسم الفلاحي على صفيح ساخن… ومخاوف من انهيار الإنتاج
الأوضاع الميدانية تشير إلى أن عدداً من المناطق الفلاحية دخلت مرحلة حرجة، بعدما اضطر الفلاحون إلى تقليص الأنشطة بشكل غير مسبوق، فيما لجأ آخرون إلى مغادرة الأراضي، بعد أن استنزفت الأزمة قدراتهم المالية والمعنوية. ومع ذلك، تتردد الحكومة في اتخاذ إجراءات مرنة تسمح بتدبير محكم للمياه، يُوازن بين حاجيات الشرب والري دون التضحية بإنتاج الغذاء الوطني.
تحديات السياسات المائية والحاجة إلى حلول مبتكرة
في الوقت الذي تتزايد فيه التحديات المناخية، يؤكد خبراء القطاع الزراعي أن الأزمة الحالية تبرز الحاجة الماسة إلى مراجعة السياسات المائية، واعتماد حلول مبتكرة تراعي استدامة الموارد وتضمن تزويد الأسواق بالمنتجات الفلاحية. فدون خطة واضحة لتدبير المياه، ستظل الفلاحة المغربية في مهب الريح، خاصة مع ارتفاع الطلب الداخلي والتقلبات الحادة في الأسواق العالمية.