الشيف بومدين زوزاو: من نكهات الطفولة إلى العالمية… الطبق هو رسالة حب

بقلم: مهى الفلاح

في عالم تذوب فيه الحدود بين الثقافات، وتختلط فيه نكهات الشرق والغرب، يسطع اسم الشيف المغربي بومدين زوزاو كأحد أبرز الطهاة الذين استطاعوا أن يمزجوا بين أصالة المطبخ المغربي وروح التجديد العالمية. من ألمانيا، حيث يدير واحداً من أشهر المطاعم المغربية، كان لنا معه هذا الحوار الخاص، الذي كشف فيه عن جوانب إنسانية ومهنية، وأسهم في تقديم صورة جديدة عن الشيف كصانع ذوق ورسالة.

الشيف بومدين زوزاو: من نكهات الطفولة إلى العالمية… الطبق هو رسالة حب

خارج المطبخ… إنسان يعشق البساطة

عندما سألناه عن شخصه خارج المطبخ، أجاب بابتسامة:

“أنا إنسان بسيط، أحب العائلة والسفر، وأهوى الرياضة والقراءة، خاصة كتب التنمية الذاتية. أؤمن بأن الحياة توازن بين الشغف والراحة، وأن النجاح في المهنة لا يجب أن يسرق منا متعة العيش.

النكهة الأولى… من مطبخ الأم إلى العالم

نشأة الشيف بومدين في بيت مغربي تقليدي كانت البداية الحقيقية لرحلته مع الطبخ. يقول:
بدأ كل شيء حين كنت في العاشرة من عمري، أساعد والدتي في تحضير الطاجين والكسكس. لم يكن الأمر واجباً بقدر ما كان متعة… كانت هي المعلمة الأولى، وقد ألهمتني بأن الطبخ ليس مجرد وصفة، بل رسالة حب.
ولا عجب أن تكون أول وصفة ناجحة له “طاجين الدجاج بالليمون والزيتون”، التي نالت إعجاب العائلة وشجعته على المضي قُدماً.

من المغرب إلى ألمانيا… نقطة تحوّل

الهجرة نحو أوروبا لم تكن مجرد انتقال جغرافي، بل قفزة نوعية في مساره المهني، إذ يقول:
ألمانيا كانت محطة مفصلية. العمل في مطابخ عالمية وتحت إشراف طهاة من مدارس مختلفة علّمني الكثير… تعلمت الانضباط والدقة والابتكار دون التفريط في هويتي المغربية.”
وهكذا أصبح بومدين يجسد التوازن بين الأصالة والمعاصرة، ويضع المطبخ المغربي في قلب المطابخ الأوروبية.

الابتكار لا يُلغي الجذور

عندما تحدثنا عن تفضيلاته بين الأطباق التقليدية والحديثة، أجاب دون تردد:
أعشق البسطيلة بالدجاج واللوز، لأنها تعكس عبقرية المزج بين الحلو والمالح في المطبخ المغربي. أحب الأطباق التقليدية لأنها تعبّر عن هويتنا، لكن الابتكار ضرورة لنواكب العالم ونُعبّر عن روح العصر.”

ويضيف:
في رأيي، كل طبق ناجح يُصنع بثلاثة عناصر: الحب، المكونات الطازجة، واحترام توازن النكهات.”

الكسكس… طبق يجمع ولا يُفرّق
حين سألناه عن الطبق الذي يمثل ثقافتنا خير تمثيل، قال بثقة:
الكسكس. ليس فقط لأنه لذيذ، بل لأنه يرمز لقيمنا… يجمع العائلة حول المائدة، ويعبر عن الكرم المغربي الأصيل.”

الضغوط والتحديات… كيف يواجهها؟

العمل في المطبخ لا يخلو من الضغوط، خاصة في أوقات الذروة، لكن بومدين لديه طريقته الخاصة:
التنظيم هو سلاحي. أضع خطة مسبقة، وأشتغل بروح الفريق. التوتر لا مكان له حين يكون كل فرد يعرف دوره ويحب ما يفعل.”

أما التحدي الأكبر في مسيرته، فكان “التأقلم مع ثقافة العمل الأوروبية”، لكنه تجاوزه بفضل الالتزام، والحرص على التعلم والانفتاح.

الطعام… جسر بين الثقافات

الشيف بومدين لا يرى نفسه مجرد طباخ، بل سفيراً ثقافياً. يقول:

الطعام لغة عالمية، يمكنه أن يخلق حواراً بين ثقافات مختلفة، ويكسر الحواجز. نحن لا نقدم فقط طبقاً، بل نروي قصة وطن.
نحو المستقبل… حلم أكبر من مطعم
عندما سألناه عن مشروعه القادم، لم يتحدث عن مطعم فاخر، بل عن مدرسة للطهي في المغرب:
أطمح لتأسيس مدرسة تُكوّن جيلاً جديداً من الطهاة المغاربة، قادرين على المزج بين الأصالة والتجديد، ويحملون رسائلنا إلى العالم.

رسالة للشباب: اصبروا… وابدؤوا من الأساس

لمن يطمح أن يسلك نفس الدرب، ينصحهم الشيف زوزاو
الصبر، ثم الصبر. تعلموا الأساسيات، وكونوا فضوليين. لا تخافوا من الخطأ، فجميعنا نتعلم من التجربة.

خاتمة: بين الطاجين والبسطيلة… قصة نجاح مغربية

الشيف بومدين زوزاو ليس مجرد طاهٍ ماهر، بل نموذج للنجاح المغربي في المهجر. قصة بدأها من مطبخ والدته، وواصلها في أكبر مطابخ أوروبا، ولا يزال يطمح لغدٍ يُنضج فيه طموحاته على نار هادئة… بطعم الزعفران، وعطر النعناع المغربي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى