
حملة لإذكاء الوعي بالإعاقة: المغرب يطلق شرارة التغيير في المجتمع
مراكش – غزلان بلحرشي
في مشهد يجمع بين الاعتراف بالتحديات والرهان على المستقبل، شهد المغرب اختتام الحملة الوطنية الأولى لإذكاء الوعي بالإعاقة، التي أطلقتها وزارة التضامن والإدماج الاجتماعي والأسرة، وبدعم لافت من مختلف القطاعات الحكومية ومؤسسات المجتمع المدني. كلمة كاتب الدولة المكلف بالإدماج الاجتماعي في هذا الحفل الختامي، عكست بوضوح روح المشروع الاجتماعي الجديد الذي يتطلع إليه المغاربة، والذي صار إدماج الأشخاص في وضعية إعاقة جزءًا لا يتجزأ منه.
لإذكاء..حملة غير مسبوقة وحضور وازن
توقف كاتب الدولة عند النجاح اللافت الذي حققته هذه الحملة، بعدما شملت أنشطتها ما يقارب ألف ومئتي فعالية، وتوزعت بين ندوات وورشات ودورات تدريبية وقوافل تحسيسية، مما أتاح مشاركة ما يزيد عن سبعمائة وخمسين ألف شخص من مختلف الأعمار والفئات. زخم الحضور وتفاعل الشركاء يعكس المكانة التي تحتلها قضية الإعاقة في السياسات العمومية، ومدى رسوخها في وجدان المجتمع المغربي.
دستور يضمن الحقوق وتشريعات تعزز الحماية
الدستور المغربي، بحسب كلمة كاتب الدولة، أعاد رسم معالم حقوق الفئات الهشة داخل المجتمع، مانعًا كل أشكال التمييز على أساس الإعاقة، وملزمًا الدولة بوضع سياسات مندمجة لفائدة ذوي الاحتياجات الخاصة. وقد تبلور هذا الاهتمام في تصديق المملكة على الاتفاقية الدولية لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، وتكريس حماية إضافية من خلال القانون الإطار رقم 97.13، الذي فتح آفاقًا جديدة لتجويد العرض العمومي وتنويع الخدمات لفائدة الأشخاص في وضعية إعاقة.
دعم التمدرس والولوج للصحة والشغل
توسعت دائرة البرامج والمبادرات الوطنية، لتشمل دعم التمدرس وضمان الحق في التعليم، إلى جانب تطوير خدمات الصحة والولوجيات، وعدم إغفال الحق في التشغيل باعتباره ركيزة مركزية لتحقيق الكرامة والمشاركة الفعالة في الحياة الاجتماعية والاقتصادية. غير أن كاتب الدولة شدد على أن هذه الإنجازات تظل في حاجة إلى تعبئة مجتمعية، وإشاعة مناخ نفسي واجتماعي محفز على القبول والتعايش والتقدير، إذ تبقى الصور النمطية والتنمر والأحكام المسبقة عوائق لا تقل خطورة عن الحواجز المادية.
مواجهة الصور النمطية وبناء بيئة دامجة
رهان الحملة الوطنية انصب على خلق دينامية جديدة، تتحدى الموروثات الثقافية السلبية، وتدفع إلى تبني رؤية دامجة تضمن لكل شخص في وضعية إعاقة كامل الحقوق. وقد اعتُبر الإعلام شريكًا أساسيًا في هذه المعركة، لِما له من قدرة على التأثير في الرأي العام وتغيير العقليات. من هنا جاء التنويه بمتابعة وسائل الإعلام وفعاليات المجتمع المدني، والرهان على استمرار التحسيس والانفتاح، حتى تصير كرامة ذوي الإعاقة جزءًا طبيعيًا من الخطاب والممارسة اليومية.
شركاء في النجاح واستمرار للمسار
في ختام كلمته، جدد كاتب الدولة الشكر لكل الشركاء والمؤسسات الوطنية والداعمين الذين ساهموا في نجاح هذه الحملة، مؤكدًا أن المسار لم ينته بعد، بل هو بداية لورش مجتمعي طويل الأمد يستحق أن ينخرط فيه الجميع. فمن دون تغيير النظرة ونبذ الأحكام الجاهزة، لن تحقق القوانين غاياتها، ولن يُحترم الدستور على أرض الواقع.