مراحيض الرباط… أغلى من الشقق الفاخرة وأرخص من الشفافية!

حين يتعلق الأمر بتدبير الشأن المحلي في العاصمة الرباط، لا بد أن تجد ما يثير الدهشة والاستغراب.

فبينما ينتظر السكان إصلاح الطرق أو تعزيز البنية الصحية، تطل شركة “الرباط للتهيئة” بمفاجأة من العيار الثقيل: إعلان عن مشروع 11 مرحاضاً عمومياً، بكلفة لا تصدق تقارب 20 مليون درهم. وهنا تبدأ الحكاية الساخرة.

تكلفة خيالية تثير الزوابع

منذ انتشار خبر التكلفة الفلكية لهذا المشروع، لم تهدأ موجة الانتقادات في الأوساط السياسية والإعلامية.

ولعل المقارنة التي ساقها المستشار الجماعي عمر الحياني تؤجج الجدل أكثر.

إذ أوضح، مستغرباً، أن كلفة مرحاض واحد في الرباط تفوق بعشرة أضعاف تكلفة مرحاض في الدار البيضاء. ومع ذلك، لم تجد شركة “الرباط للتهيئة” أي حرج في دفع المبلغ السخي، وكأن المال العام بلا رقيب.

غياب الشفافية: تساؤلات بالجملة

ومع تصاعد موجة السخط، برزت مطالب واضحة بضرورة توضيح دوافع هذا الإنفاق الضخم. في الحقيقة، لا يمكن الحديث عن صفقة بهذا الحجم من دون إثارة الشكوك حول الحكامة وغياب الشفافية.

إذ أن الشركة المشرفة لا تخضع لرقابة المنتخبين، وتشتغل منذ سنوات تحت وصاية الوالي، بينما المصاريف والصفقات تمر في هدوء تام دون تقديم أي شروحات للرأي العام. ومن هنا، تزداد الأسئلة إلحاحاً:

هل تعكس التكلفة المرتفعة تجهيزات استثنائية أم أنها فقط تعبير عن خلل مزمن في تدبير الصفقات؟

من المسؤول؟ المواطنون يبحثون عن إجابة

من جهة أخرى، يطالب الرأي العام، ومعهم بعض المنتخبين، بأن يتحمل مسؤولو الشركة والسلطات الإقليمية مسؤولياتهم، ويوضحوا ما إذا كان المشروع مجرد مزحة أو مؤامرة ضد جيوب دافعي الضرائب.

ففي ظل أزمة غلاء المعيشة وتدهور الخدمات العمومية، من غير المنطقي أن تصبح المراحيض مشروع القرن في الرباط. وهكذا، تتجدد المطالب بتبني الشفافية والمحاسبة.

مراحيض الأحلام أم كوابيس المال العام؟

في نهاية المطاف، وبينما لا يزال الجميع ينتظر موقفاً رسمياً، تبدو صورة تدبير المال العام في العاصمة وكأنها تسير على رأسها لا على قدميها. فبدل أن تشكل هذه المشاريع نقلة نوعية في خدمة الساكنة، تحولت إلى مادة للسخرية وتبادل النكات. وربما، إذا استمر الحال على هذا المنوال، سيضطر سكان الرباط إلى اقتناء تذاكر خاصة فقط لزيارة هذه المراحيض “الأسطورية”.

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى