وزيرة السياحة أو “المؤثرة الرسمية”: عندما تختلط الوزارة بالموضة

وزيرة السياحة أو “المؤثرة الرسمية”: عندما تختلط الوزارة بالموضة

في لقطة لا تخلو من الرفاهية والبهرجة، ظهرت فاطمة الزهراء عمور، وزيرة السياحة، وهي تتجول داخل فندق فاخر لم يُفتتح بعد في الرباط. المشهد انتشر على منصة إنستغرام، ثم اختفى فجأة دون توضيح، مما فتح أبواب التساؤلات حول حدود الحياد ومشروعية استعمال المنصب الحكومي لأغراض ترويجية غير معلنة.

الوزيرة لم تكن تُلقي خطابًا، ولم تصدر وزارتها أي بلاغ رسمي. فقط صورة ناعمة وابتسامة عريضة في ردهات فندق من فئة خمس نجوم، تابع لمجموعة استثمارية خاصة. المشهد وحده كافٍ لطرح السؤال: هل يحق لمسؤول حكومي أن يُروّج، عن قصد أو دون قصد، لعلامة تجارية خاصة، تحت غطاء “زيارة عمل”؟

القانون المغربي واضح في هذا الباب. مدونة الأخلاقيات العمومية تمنع استغلال الصفة الرسمية لأغراض شخصية أو لفائدة الغير، وتُلزم المسؤولين بالحياد وتجنّب تضارب المصالح. ورغم أن الفيديو المحذوف لا يتضمّن تصريحًا تجاريًا مباشرًا، إلا أن الرمزية كانت أقوى من الكلمات. مسؤولة عمومية تتجوّل في مشروع لم يُفتتح بعد، وتمنحه تزكية غير معلنة، عبر قناتها الشخصية التي تحمل صفتها الوزارية.

وفي بلد يعاني مواطنوه من أزمات اقتصادية متتالية، ويُطالَبون بالتقشف، تأتي هذه الصور لتُعزز فكرة أن النخبة الحاكمة تعيش في فقاعة من الرفاهية، منفصلة تمامًا عن واقع الناس. بل إن التناقض يبلغ ذروته حين تأتي هذه المشاهد في سياق الحديث الحكومي المتكرر عن “الدولة الاجتماعية” والعدالة المجالية.

إنها ليست زيارةً بروتوكولية فقط، بل تعبير حيّ عن كيف أصبحت السياسة في زمن المنصات الرقمية تُختزل في صور منتقاة، وإطلالات محسوبة، ومحتوى “مؤثر” يطمس الحدود بين ما هو رسمي وما هو دعائي.

ولعل حذف الفيديو، بصمت، يؤكد الإحراج المؤسسي، لا الرغبة في التوضيح. فالمؤسسات لا تُصحّح مسارها بالحذف، بل بالمحاسبة والوضوح واحترام القواعد التي تنظّم علاقتها بالمواطنين.

وفي الختام، قد يُبرّر البعض ما حدث بكونه دعمًا للاستثمار السياحي، أو محاولة لإبراز الفخامة المغربية. لكن الحقيقة أن الحياد المؤسسي ليس رفاهية، بل التزام دستوري وأخلاقي، وأي انحراف عنه – حتى ولو بدا ناعمًا – يقوّض الثقة ويُحوّل السياسة إلى استعراض فاخر على حساب المبدأ.

Exit mobile version