عمور في قائمة الأقوياء.. لكن أرقام السياحة تكشف الحقيقه
تبدو وزيرة السياحة فاطمة الزهراء عمور في حالة رضا وهي تتصدر عناوين الصحف بظهورها في المرتبة الخامسة ضمن قائمة أقوى شخصيات السياحة والسفر في الشرق الأوسط التي أصدرتها مجلة فوربس لهذا العام وكما جرت العادة استغلت الوزارة المناسبة لتؤكد أن المغرب يسير بخطى ثابتة نحو الريادة في مجالات الابتكار السياحي .
الأرقام الرسمية التي قدمتها الوزارة براقة للغاية إذ تشير إلى أن المغرب استقبل في العام الحالي ما يقارب سبعة عشر مليون زائر وحقق عائدات بلغت أكثر من أحد عشر مليار دولار مع إطلاق برامج مثل Go Siyaha وCap Hospitality ومبادرة بنك المشاريع السياحية وهي معطيات توحي أن القطاع يسير في الاتجاه الصحيح .
لكن الواقع الميداني ليس بنفس البريق الذي تعكسه البيانات فعلى سبيل المثال موسم عودة الجالية المغربية هذا الصيف أظهر إشارات مقلقة حيث سجلت البلاد تدفقًا كبيرًا في الأسابيع الأولى بين العاشر من يونيو والرابع من أغسطس ثم بدأ المنحنى يتباطأ بشكل واضح وكأن النشاط فقد زخمه قبل نهاية الموسم .
هذا التباطؤ يثير تساؤلات حول جاهزية البنية التحتية والخدمات لمواكبة فترات الذروة إذ يواجه القادمون ازدحامًا خانقًا وارتفاعًا في أسعار النقل وإيواءً لا يرتقي دائمًا إلى مستوى التوقعات رغم الإعلانات التسويقية البراقة .
الأمر الأكثر حساسية أن تحويلات الجالية سجلت تراجعًا لافتًا خلال النصف الأول من العام حيث انخفضت بأكثر من مليار وأربعمائة مليون درهم مقارنة بالعام الماضي وهو أول انخفاض منذ ثلاث سنوات من النمو المتواصل المدهش أن هذا الرقم غاب تمامًا عن خطابات الوزيرة وكبار المسؤولين وكأنهم لا يرغبون في تعكير أجواء الاحتفال بالإنجازات .
الخطاب الرسمي يبدو شديد الانشغال بالتصنيفات والجوائز التي تبدو رائعة في الأخبار ولكنها تتجاهل الأسئلة الجوهرية مثل هل توزع عوائد السياحة بشكل عادل بين مختلف الجهات هل المشاريع المعلنة تصل إلى كل المناطق أم أن هناك مدنًا وقرى لا تزال خارج الخريطة السياحية هل القطاع قادر على ضمان استدامة حقيقية أم أنه مجرد موسم عابر يلمع ثم يخبو.
الواقع أن مناطق عديدة ما تزال تعاني من ضعف في البنية التحتية السياحية حتى مع افتتاح بعض المشاريع تبقى المردودية متواضعة الأمر الذي يجعل الكثيرين يشعرون أن هناك مغربين مختلفين المغرب الذي يطل على العالم من خلال المعارض الدولية والمؤتمرات الفاخرة والمغرب الذي يعيشه المواطن على أرض الواقع.
إذا كان الهدف هو الحفاظ على مكانة المغرب كوجهة سياحية عالمية فإن الأولوية يجب أن تكون لمواجهة المؤشرات المقلقة بدل الاكتفاء بخطابات الاحتفال لا بد من ربط التخطيط السياحي بسياسات اجتماعية واقتصادية تجعل المواطن المستفيد الأول قبل أن نبحث عن إضافة أسماء جديدة إلى القوائم الدولية.
