مع اقتراب موعد انتخابات 2026، لم يعد المشهد السياسي المغربي بحاجة إلى عدسة مكبرة لرصد التوترات المتصاعدة بين مكونات التحالف الحكومي.
ففي قلب مدينة طنجة، إحدى أكبر الحواضر المغربية، خرجت الخلافات بين أعضاء الأغلبية إلى العلن، لتتحول جلسات المجلس الجماعي إلى ساحة مكشوفة للصراعات والمزايدات السياسية.
تحالف الأغلبية يتصدع في طنجة
منذ أسابيع، ارتفعت حدة التراشق بين منتخبي الأحزاب الثلاثة المشكّلة للأغلبية في مجلس مدينة طنجة، حيث باتت الاتهامات بالمسؤولية عن فوضى التسيير والبناء العشوائي حديث العام والخاص.
في كل جلسة للمجلس، تنبعث إشارات تدل على فقدان الانسجام بين “التراكتور” و”الميزان” و”الحمامة”، حتى بدا وكأن تحالفهم مجرد قشرة سياسية تخفي وراءها حسابات انتخابية ضيقة.
تبادل الاتهامات والاتهامات المضادة
محمد الحميدي، أحد الوجوه البارزة بحزب الأصالة والمعاصرة، لم يتردد في تحميل زميله محمد الحمامي، رئيس مقاطعة بني مكادة وبرلماني حزب الاستقلال، مسؤولية اتساع البناء العشوائي وتفاقم مشاكل التعمير داخل المقاطعة. لم يكن هذا الاتهام مجرد زلة لسان عابرة،
بل كان جزءًا من سلسلة هجمات لفظية تكشف حجم الهوة بين شركاء الأمس في الأغلبية.
ولم تمر سوى أيام حتى أعاد الحمامي الكرة ووجّه سهام النقد إلى عمدة المدينة منير ليموري، المحسوب على الأصالة والمعاصرة، متهماً إياه بالإقصاء وتهميش مكونات التحالف في اتخاذ القرارات الكبرى للمدينة.
ووسط هذه الأجواء المشحونة، لم يعد مستشارو الأغلبية يجدون حرجًا في إعلان تذمرهم على العلن، بينما تتسع دائرة الانقسام مع كل جلسة جماعية جديدة.
انتخابات 2026.. الفجوة تتسع والخلافات تتعمق
على أعتاب الانتخابات القادمة، يبدو أن تحالف طنجة يعيش حالة من “الطلاق البائن” بين قياداته، حيث تغذي المصالح الشخصية وحسابات التموقع الانتخابي منسوب التوتر وتدفع كل طرف إلى تصعيد لهجته.
في المقابل، لا تزال ساكنة المدينة تترقب موقفًا موحدًا من المنتخبين يضع أولويات التنمية فوق منطق تصفية الحسابات السياسية.
ويجمع المتتبعون على أن الصراع داخل مجلس طنجة ليس سوى نموذج مصغر لحالة التنافر التي تشهدها الأغلبية الحكومية في أكثر من مدينة، حيث تتوالى مشاهد الانقسام وتبرز الأصوات الناقدة لمنهجية التسيير، دون أن تجد حلولاً عملية توقف هذا النزيف السياسي.
تداعيات محتملة على المشهد الانتخابي
في ظل استمرار هذه الخلافات، تزداد التكهنات حول مصير التحالف الحاكم خلال الاستحقاقات المقبلة. هل ينجح الفرقاء في ترميم بيت الأغلبية وتجاوز خلافاتهم خدمة للمصلحة العامة، أم أن الخلافات الحالية ستكرّس تراجع ثقة المواطنين في مؤسساتهم المنتخبة؟
وسط هذا الصخب، تتوجه الأنظار إلى الكواليس، حيث يجري الإعداد للانتخابات بمعادلات جديدة وتحالفات قد تغيّر وجه الخريطة السياسية المحلية.