صفقات وزارة الصحة تعيد الجدل حول أولويات إصلاح المنظومة الصحية

صفقات وزارة الصحة تعيد الجدل حول أولويات إصلاح المنظومة الصحية

في وقت ما تزال فيه مستشفيات المملكة، خصوصًا الإقليمية والجهوية، تواجه تحديات كبيرة بسبب نقص المعدات الطبية وتعثر مشاريع البناء والتجهيز، أطلقت وزارة الصحة والحماية الاجتماعية صفقات جديدة اعتبرها كثيرون بعيدة عن الحاجيات الحقيقية للمواطنين والمهنيين داخل القطاع.

فبحسب وثائق رسمية منشورة على بوابة الصفقات العمومية، أعلنت الوزارة عن ثلاث صفقات مركزية، الأولى تتعلق بتجهيز مكاتبها بالأثاث والمعدات بقيمة تصل إلى حوالي 150 مليون سنتيم، خُصص منها أكثر من 100 مليون سنتيم فقط للأثاث.

هذا القرار أثار الكثير من التساؤلات، خاصة وأن عددا من المراكز الصحية والمستشفيات العمومية تعاني من غياب تجهيزات أساسية، بعضها يستقبل المرضى دون أجهزة للفحص بالأشعة، فيما لا تزال أقسام الاستقبال في بعض المستشفيات تفتقر حتى لأبسط شروط العمل.

الصفقة الثانية تهم اقتناء نظام رقمي خاص بتأمين البيانات وإدارة الولوج (Privileged Access Management)، بكلفة مالية تفوق 4.5 مليون درهم. الوزارة أوضحت أن الهدف هو تعزيز الأمن السيبراني داخل مصالحها الصحية ومراكز البيانات. غير أن انتقادات وُجّهت لهذه العملية، بالنظر إلى أن المستشفيات تعاني من أعطاب متكررة في المعدات الطبية الأساسية ونقص حاد في الموارد البشرية.

ووفق مصادر مهنية، فإن هذه الصفقات تأتي في وقت لا تزال فيه الوزارة تحت ضغط الانتقادات بعد الترخيص الاستثنائي الذي منح لها لإبرام صفقات تفاوضية مباشرة مع عدد من الشركات، ما أثار تساؤلات حول معايير الشفافية وترتيب الأولويات.

كثير من المهنيين يرون أن إصلاح القطاع يبدأ من المستشفى العمومي لا من المكاتب الإدارية. فالمواطن، بالنسبة لهم، لا ينتظر أثاثاً جديداً في مقر الوزارة، بل سريراً في المستشفى، جهاز سكانير يشتغل، طبيباً حاضراً، وأدوية متوفرة.

وبين من يرى في هذه الصفقات جزءاً من تحديث الإدارة الصحية، ومن يعتبرها ابتعاداً عن جوهر الإصلاح الحقيقي، يبقى السؤال مطروحاً بقوة: هل الأولوية اليوم هي لتأثيث المكاتب وتأمين الأنظمة المعلوماتية، أم لإنقاذ المستشفيات من أعطابها اليومية وضمان كرامة المريض؟

Exit mobile version