Site icon الاخبار24

سيلفي حكومي يورط وزارة النقل ويضعها في مرمى السخرية

سيلفي حكومي يورط وزارة النقل ويضعها في مرمى السخرية

في زمن باتت فيه صور السيلفي لغة سياسية أقوى من أي خطاب رسمي، قرر عبد الصمد قيوح، وزير النقل واللوجستيك المغربي، أن يسرق الأضواء بطريقة غير تقليدية خلال منتدى الربط العالمي للنقل في إسطنبول.

فمن كان ينتظر منه الدفاع عن مصالح المملكة أو تقديم صورة محترمة لمسؤول مغربي أمام كبار وزراء النقل في العالم، فوجئ بهاتف الوزير يطل من جيبه في لحظة كان فيها الجميع ينتظرون وقار الدولة، لا مغامرات “المؤثرين”.

سيلفي الدهشة… وزير ينزع وقار الحكومة في صورة واحدة

الجميع في إسطنبول انشغل بالحديث عن مستقبل الربط الطرقي وملفات النقل المعقدة بين القارات. وحده عبد الصمد قيوح كان منشغلا بـ”ترصّد” الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، مترقبًا اللحظة المثالية لالتقاط سيلفي تاريخي.

الوزير، المعروف بشغفه المرضي لصور السيلفي، لم يخيب ظن عشاق الكاميرا، فنشر الصورة بلا تردد على الصفحة الرسمية لوزارة النقل واللوجستيك، قبل أن تسارع الوزارة لحذفها، وكأنها تبتلع حبة ندمٍ ثقيلة بعد موجة سخرية عارمة.

صورة تكسر البروتوكول… أي رسالة للمغاربة؟

ما حدث لم يكن زلة بروتوكولية بسيطة، بل تحول إلى فضيحة رقمية ودبلوماسية في آن واحد. لم يحدث أن ظهر مسؤول حكومي مغربي أو غير مغربي، بهذا الإصرار الطفولي على التقاط صورة شخصية في ملتقى دولي بهذا الحجم.

الوزير كان الوحيد بين عشرات المسؤولين الدوليين الذي أخرج هاتفه الذكي ليوثق اللحظة على حساب الوقار والمصداقية، وكأن السياسة أصبحت “ستوري إنستغرام” لا أكثر.

سخرية وامتعاض… صورة تختزل أزمة عقلية النخبة

انتشرت الصورة كالنار في الهشيم على منصات التواصل الاجتماعي، وتناقلها المغاربة بسخرية مريرة. فالمشهد لا يُعبر فقط عن تصرف شخصي عابر، بل يعكس أزمة أعمق داخل النخبة السياسية التي يبدو أنها لم تستوعب بعد أن الوزارة ليست منبرًا للظهور الشخصي، بل مسؤولية وطنية وحضور يليق بالمغرب وبتاريخه.

الغريب أن السيلفي لم يكن فقط “خارج النص”، بل خارج المنطق الإداري الذي يقتضي احترام البروتوكول الدولي وتقاليد الدولة المغربية.

هكذا يصبح السيلفي عنوانًا لفقدان البوصلة السياسية

ما أقدم عليه الوزير قيوح كشف هشاشة النظرة إلى صورة المغرب في المحافل العالمية. فبدلاً من استثمار المناسبة لإبراز دينامية النقل الوطني أو الترافع عن المشاريع الاستراتيجية،

اختار الوزير أن يكون “ترند” اليوم التالي على فيسبوك وتويتر. فهل بهذا التصرف تنجح الحكومة في بناء صورة محترمة في الخارج أم تحفر مزيدًا من الحفر في رصيدها الرمزي؟

لا يخفى على أحد أن تصرف قيوح كان رسالة مجانية لكل من يريد اختزال السياسة المغربية في مشهد سيلفي عابر. مشهد يطرح أكثر من سؤال عن دور الحكومة وعن حجم الوعي الرسمي بمسؤولية التمثيل في الخارج.

فحين يتحول وزير النقل إلى “مؤثر عالمي”، يبقى المواطن هو الضحية الحقيقية لهذا العبث السياسي الذي يجعل من قضايا البلاد موضوعا للسخرية بدل أن تكون عنوانا للهيبة والاحترام.

Exit mobile version