
دينامية جديدة للاستثمار: المغرب يراهن على التحول الاقتصادي
دينامية جديدة للاستثمار: المغرب يراهن على التحول الاقتصادي
شهدت الرباط محطة مهمة في مسار الاستثمار الوطني، بعدما ترأس رئيس الحكومة عزيز أخنوش الدورة الثامنة للجنة الوطنية للاستثمارات.
هذا الاجتماع لم يكن عادياً بل حمل معه مؤشرات قوية على دخول المملكة مرحلة جديدة عنوانها الدينامية المتجددة وتوزيع المشاريع عبر خريطة المملكة بشكل يبعث على التفاؤل.

فخلال هذا اللقاء، صادقت اللجنة على حزمة ضخمة من المشاريع الاستثمارية في إطار ميثاق الاستثمار الجديد الذي دخل حيز التنفيذ منذ مارس من العام الماضي، استلهاماً من التوجيهات الملكية السامية لجلالة الملك محمد السادس.
مشاريع استثمارية بالمليارات وتوزيع متوازن جغرافياً
لا يكاد المتابع للمشهد الاقتصادي المغربي يُخفي انبهاره بالأرقام المسجلة في هذا اللقاء، إذ جرى إعطاء الضوء الأخضر لما مجموعه سبع وأربعين مشروعاً استثمارياً بقيمة إجمالية تناهز واحد وخمسين مليار درهم.
هذه المشاريع ليست مجرد أرقام على ورق، بل هي مشاريع تحمل معها آلاف فرص الشغل الجديدة، موزعة بين تسعة آلاف وظيفة مباشرة وثمانية آلاف وظيفة غير مباشرة، في محاولة حقيقية لتخفيف حدة البطالة ودفع عجلة التنمية المحلية.
واللافت في دورة هذه السنة أن الاستثمارات لم تتركز فقط في محور الدار البيضاء أو الرباط، بل شملت نحو ثلاث وعشرين عمالة وإقليماً موزعة على عشر جهات، من وزان إلى الرشيدية، مروراً ببني ملال، الصويرة، تارودانت وحتى بوجدور.
بهذا التوزيع، يتأكد أن التوجيهات الجديدة لم تعد تغفل الأطراف بل جعلت من الجهوية المتقدمة عنواناً للمرحلة المقبلة.
صناعة السيارات تتصدر المشهد وتنوع القطاعات يحرك السوق
في قلب هذه الدينامية، نجد قطاع صناعة السيارات وهو يحصد حصة الأسد من مناصب الشغل المتوقعة، بحوالي أكثر من نصف الإجمالي، يليه ترحيل الخدمات وقطاع السياحة، وهو ما يعكس التحول الاقتصادي الذي يشهده المغرب في السنوات الأخيرة، وتحوله إلى قاعدة صناعية إقليمية منافسة في ميادين متعددة.
ولم تتوقف عجلة المشاريع عند هذا الحد، إذ شملت لائحة الاستثمارات قطاعات أخرى مثل الصناعات الغذائية، الأدوية، الطاقة، اللوجستيك وغيرها، في رسالة واضحة على تنوع وتكامل المشهد الاستثماري الوطني.
مشاريع استراتيجية ومرحلة جديدة من التدبير الجهوي
ولأن المغرب لم يعد يراهن على الكم فقط، فقد منحت اللجنة صفة المشروع الاستراتيجي لخمسة مشاريع كبرى في قطاعات صناعة السيارات، الكيمياء، النسيج والتعدين، موزعة على جهات سوس ماسة، الشرق، فاس مكناس، الدار البيضاء سطات، طنجة تطوان الحسيمة والرباط سلا القنيطرة.
أما الجديد الأبرز فهو أن هذه الدورة ستكون الأخيرة التي تدرس فيها اللجنة المشاريع الاستثمارية الصغيرة نسبياً، إذ من الآن فصاعداً ستُحال كل المشاريع التي تقل قيمتها عن ربع مليار درهم إلى الجهات، تعزيزاً لمسار اللامركزية وتحقيق العدالة المجالية في توزيع الاستثمار.
نحو مستقبل اقتصادي واعد
هكذا تؤسس اللجنة الوطنية للاستثمارات لمرحلة جديدة قوامها الجرأة في اتخاذ القرار والعدالة في توزيع المشاريع وخلق قيمة مضافة حقيقية، ما يجعل المملكة في موقع متقدم بين الاقتصادات الصاعدة. ولعل تفعيل ميثاق الاستثمار الجديد بهذه الوتيرة سيعطي إشارة قوية لكل المستثمرين المحليين والدوليين أن المغرب اختار فعلاً أن يكون أرض الفرص الكبرى.