
جوازات سفر بلا إقامة.. باريس تفضح اختلالات القنصلية الجزائرية
جوازات سفر بلا إقامة.. باريس تفضح اختلالات القنصلية الجزائرية
في خطوة تعكس عمق التوتر الصامت بين باريس والجزائر، فجّرت وزارة الداخلية الفرنسية ملفًا حساسًا كشف عن تورط القنصلية الجزائرية في تولوز في إصدار مئات جوازات السفر لرعايا جزائريين لا يملكون أي صفة قانونية للإقامة في فرنسا.
الأمر لم يمر مرور الكرام، بل اعتبرته الداخلية الفرنسية خرقًا إداريًا صارخًا يستدعي التصحيح العاجل والتعامل الحازم.
وفقًا للقوانين المعمول بها في فرنسا، لا يحق لأي أجنبي الحصول على وثيقة سفر من قنصلية بلده إلا إذا كان يقيم قانونيًا في نطاق اختصاصها. بمعنى أوضح، لا يجوز إصدار جواز سفر لشخص لا يحمل بطاقة إقامة سارية في فرنسا.
لكن القنصلية الجزائرية، في تولوز على الأقل، كانت لها مقاربة مختلفة تمامًا، حيث فتحت نافذتها القنصلية لطلبات لا تتوفر على الحد الأدنى من الشروط القانونية، ووزعت جوازات كأنها “بطاقات تعريف موسمية”.
أمام هذا الوضع، لم تتأخر وزارة الداخلية الفرنسية في الرد، حيث أصدرت مذكرة موجّهة إلى جميع المحافظات تطلب فيها رفض التعامل مع هذه الجوازات في أي إجراء إداري.
سواء تعلق الأمر بطلب بطاقة الإقامة أو تجديد الحقوق الاجتماعية أو الولوج إلى الخدمات العامة، فإن الجواز الصادر في هذا السياق لم يعد يعفي صاحبه من ضرورة تقديم وثيقة إقامة صالحة.
إلى حدود اللحظة، لم تُصدر السلطات الجزائرية أي توضيح أو رد فعل رسمي على هذا القرار، ما يزيد من حدة الإحراج الدبلوماسي ويُبقي الباب مفتوحًا أمام كل التأويلات.
في وقت يشتد فيه الجدل حول سياسات الهجرة وتعاون الدول المغاربية مع السلطات الفرنسية، يبدو أن الجزائر اختارت مجددًا سياسة “اللاموقف”، رغم أن العاصفة تضرب جاليتها بشكل مباشر.
الانتقادات الموجهة لهذا السلوك القنصلي تتجاوز الإطار الإداري، إذ يرى متابعون أن تساهل القنصلية مع الوضعيات غير القانونية لا يخدم الجالية الجزائرية في شيء، بل يعمّق مآزقها القانونية ويُضعف صدقيتها أمام السلطات الفرنسية.
فالجواز في هذا السياق لم يعد وثيقة تُيسّر الحركة، بل تحوّل إلى حجة إضافية للرفض والمنع والتضييق.
الرسالة الفرنسية واضحة: لا جواز بدون إقامة، ولا تسامح مع أي محاولة لشرعنة وضع غير قانوني عبر بوابة قنصلية. القرار ليس مجرد تصحيح مسطري، بل يعكس تحوّلًا في المزاج الرسمي الفرنسي، الذي لم يعد يقبل بأن تستمر القنصليات المغاربية في إدارة الهجرة بمنطق “التسهيل السياسي”.
فرنسا تريد أوراقًا مضبوطة، وتنتظر من شركائها المغاربيين أن يتصرفوا كسلطات دولة، لا كمكاتب خدمات اجتماعية.






