
النقل الحضري في الرباط… أزمة تتنقل والمواطن عالق في الطريق
النقل الحضري في الرباط… أزمة تتنقل والمواطن عالق في الطريق
تعيش جهة الرباط–سلا–تمارة منذ أسابيع أزمة خانقة في النقل الحضري، حولت تنقّل المواطنين اليومي إلى معاناة حقيقية. فبينما يحرص المسؤولون على توفير الحافلات لنقل الجماهير الرياضية إلى الملاعب مجانًا، يبقى الموظفون والمستخدمون بعد نهاية دوامهم في انتظار وسيلة تقلّهم إلى بيوتهم… دون جدوى.
المشهد يتكرر يوميًا: شوارع مكتظة، محطات خالية من الحافلات، وركّاب يتنقلون بين الأحياء في بحثٍ طويل عن وسيلة نقل. السؤال الذي يفرض نفسه هنا: هل أولوية المسؤولين اليوم هي تسهيل تنقل الجماهير نحو المدرجات، أم تأمين عودة المواطنين إلى منازلهم بكرامة؟
مصادر نقابية تؤكد أن شركة “ألزا”، المفوض لها تدبير النقل الحضري بالعاصمة، تواصل سياسة الضغط والترهيب على مستخدميها، بدل تحسين الخدمات. فالشركة، حسب ذات المصادر، أطلقت خطة جديدة تستهدف العمال في المصالح التقنية والحراسة والمراقبة والإدارة، مع تسجيل حالات تسريح تحت الضغط، ورفضٍ تام لأي حوار اجتماعي جاد حول مطالب الشغيلة.
العمال يتحدثون عن واقع مهني متدهور:
إجبار على العمل الليلي دون مراعاة للظروف الصحية أو الأقدمية، وتكليفهم بمهام لا علاقة لها بمهنهم الأصلية، كالبناء والصباغة وتركيب أعمدة التشوير، بل وحتى التوقيع القسري على وثائق تتحدث عن “تكوينات” لم يشاركوا فيها أصلًا.
في المقابل، تتغنى الجهات المسؤولة بشعارات “استمرارية خدمات النقل” و”تأمين تنقل المواطنين والزوار”، خاصة مع اقتراب توافد الجماهير الرياضية إلى العاصمة الرباط بمناسبة التظاهرة القارية المقبلة. لكن الواقع على الأرض يُكذّب البلاغات الرسمية: خدمات متعثرة، عمال منهكون، ومواطنون عالقون في الطرقات.
الكلّ يدفع الثمن، والمفارقة الصارخة أن المدينة التي تُعد واجهة المغرب الإدارية والسياسية تعيش على وقع فوضى نقل يومية تُهين المواطن بدل أن تخدمه. فحين تُوجّه الموارد إلى الترفيه بدل تحسين البنية الأساسية للنقل، يصبح “الفرجة” أولوية والمواطن تفصيلًا جانبيًا.
الأزمة لم تعد مسألة تدبير فقط، بل صارت مرآة لغياب الرؤية. لأن النقل الحضري ليس رفاهية، بل حق أساسي لكل مواطن، وأي تهاون في هذا الحق هو شكل من أشكال الإقصاء الاجتماعي.






