اتفاق مبدئي ينعش آمال الجالية: المغرب يقترب من حماية تحويلات أبنائه في الخارج

انفراج مرتقب في ملف البنوك وتحويلات مغاربة العالم

في تحول وصفه كثيرون بالاستراتيجي، نجحت المملكة المغربية في فتح صفحة جديدة في مفاوضاتها الشاقة مع الجانب الفرنسي بشأن مستقبل التحويلات المالية للمغاربة المقيمين في الخارج. فقد أعلن عبد اللطيف الجواهري، والي بنك المغرب، عن التوصل إلى اتفاق مبدئي مع الخزينة الفرنسية يهدف إلى تحييد مخاطر التوجيه الأوروبي الأخير الذي كان يُهدد وجود البنوك المغربية داخل الاتحاد الأوروبي ويثير قلق مئات الآلاف من أفراد الجالية المغربية.

قصة اتفاق يُنعش الاقتصاد الوطني

بعيدًا عن لغة الأرقام والجداول، يحمل هذا الاتفاق أهمية خاصة ليس فقط للبنوك المغربية، بل للاقتصاد الوطني برمته. فالجالية المغربية بالخارج تُمثل شريانًا ماليًا حيويًا يُسهم سنويًا بمليارات الدراهم في ميزان المدفوعات، ويُحرك عجلة الاستثمار والاستهلاك داخل المغرب. ومع ظهور التوجيه الأوروبي الجديد، بدا أن هذا الشريان مهدد بالانقطاع أو على الأقل بالضعف الشديد، ما دفع السلطات المغربية إلى الدخول في مفاوضات دقيقة مع شركائها الأوروبيين وعلى رأسهم فرنسا.

تجاوب فرنسي غير مسبوق وحوار مفتوح

ما يميز هذه الجولة من المفاوضات هو ليونة الموقف الفرنسي وتجاوبه الواضح مع هواجس الرباط. فقد أبدت الخزينة الفرنسية تفهماً غير مسبوق للإشكالات التي يثيرها التوجيه الأوروبي الجديد، وتحديداً ما يتعلق بالجانب التنظيمي للبنوك المغربية في فرنسا، والتأثير المباشر على التحويلات التي تمثل مصدر رزق ودعم لآلاف الأسر في المغرب. ومع طلب الجانب الفرنسي معطيات دقيقة حول آليات اشتغال البنوك المغربية، لم تتردد الجهات المغربية في تقديم كافة التوضيحات المطلوبة، لتثمر الجهود عن اتفاق مبدئي يُرتقب أن يتم استكماله خلال اجتماع مرتقب في يوليوز المقبل.

اتفاق يتجاوز حدود باريس

بعيداً عن المسار الفرنسي، لا تتوقف طموحات المغرب عند هذا الحد، إذ أعلن الجواهري أن السلطات ستتوجه بعد حسم الملف مع فرنسا إلى إسبانيا وإيطاليا وهولندا وبلجيكا، وهي دول تحتضن جاليات مغربية كبيرة، وتشكل بالتالي امتداداً لذات الإشكال التنظيمي. الهدف واضح: ضمان انسيابية تحويلات مغاربة العالم وحماية مصالحهم المالية والاجتماعية.

آفاق اقتصادية جديدة بانتظار الحسم الأوروبي

لا شك أن أي اضطراب في التحويلات المالية كان سيؤثر بشكل مباشر على الاقتصاد الوطني. غير أن الاتفاق المبدئي الأخير يُعيد الثقة إلى الجالية ويمنح الاقتصاد الوطني دفعة جديدة. ومع اقتراب موعد عرض الاتفاق النهائي على أنظار المفوضية الأوروبية للمصادقة، يترقب الجميع أن تُطوى هذه الصفحة بشكل نهائي مع نهاية العام المقبل، ما سيعيد الطمأنينة ليس فقط للبنوك، بل لأسر مغربية بأكملها تنتظر أموال أبنائها في الخارج لمواجهة متطلبات الحياة اليومية.

سياق أوروبي مضطرب وتحديات تنظيمية معقدة

بعيدًا عن التطمينات، لا يمكن إغفال السياق الأوروبي المضطرب، حيث تتجه السياسات النقدية والمصرفية نحو مزيد من التشدد في مراقبة تدفقات الأموال عبر الحدود، بدعوى مكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب. إلا أن خصوصية ملف الجالية المغربية تفرض على صناع القرار الأوروبيين النظر إلى المسألة من زاوية إنسانية واقتصادية بامتياز، وهو ما تحرص عليه الرباط في كل جولة تفاوضية.

ختام: خطوة في الاتجاه الصحيح وأمل بمزيد من الانفراج

في الختام، يظل الاتفاق المبدئي بين المغرب وفرنسا حول ملف البنوك وتحويلات مغاربة العالم نقطة ضوء في نفق التحديات المتعددة التي يواجهها الاقتصاد المغربي وعائلات الجالية. وفي انتظار استكمال الترتيبات مع فرنسا وباقي الدول الأوروبية، تبقى الرسالة الأهم هي أن المغرب حاضر في الدفاع عن مصالح أبنائه بالخارج، ومصمم على ألا تتأثر مصالحهم بضغوط أو قرارات خارجية.

Exit mobile version