
إفران تحتفي بالغابة والماء: ندوة بيئية تجمع العلم بالوعي الجماعي
الاخبار24– غزلان بلحرشي
إفران تحتفي بالغابة والماء: ندوة بيئية تجمع العلم بالوعي الجماعي
في قاعة الندوات بمركز المؤتمرات بجامعة الأخوين بمدينة إفران، وفي صباح يوم السبت 26 يوليوز 2025، شهدت المدينة انعقاد ندوة علمية متميزة تحت عنوان “الغابة والموارد المائية: توازن حيوي يجب الحفاظ عليه”، وذلك ضمن فعاليات الدورة السابعة لمهرجان إفران الدولي، المنظم هذه السنة احتفاءً بعيد العرش المجيد.
هذا اللقاء العلمي لم يكن مجرد محطة في أجندة المهرجان، بل مثّل لحظة وعي بيئي عميق، جمعت نخبة من الخبراء والباحثين والفاعلين المدنيين من أجل تبادل الرؤى ومقاربة التحديات التي تواجه الموارد الطبيعية في المغرب، وعلى رأسها الغابات والماء.
وقد اختير موضوع الندوة بعناية في سياق دولي يتسم باضطرابات بيئية متسارعة، من حرائق الغابات إلى ندرة الموارد المائية وتفاقم آثار التغيرات المناخية، مما يفرض التفكير في حلول علمية وميدانية تحمي التوازنات الطبيعية التي باتت مهددة على أكثر من صعيد.
إفران، التي لطالما ارتبط اسمها بالنظافة والهواء النقي، فرضت نفسها اليوم كنموذج مغربي في الوعي البيئي والعمل الجماعي من أجل حماية الموارد. ليس فقط بما تزخر به من مؤهلات طبيعية نادرة، بل بفضل انخراط ساكنتها ومجتمعها المدني وسلطاتها في مبادرات تعكس إيمانًا راسخًا بأن البيئة مسؤولية مشتركة وليست ترفًا فكريًا.
وفي افتتاح المهرجان، تعانقت أنغام الموسيقى الشعبية مع سكون الغابة وخرير الماء في لحظة احتفالية رمزية، جسّدت العلاقة المتجذرة بين الإنسان ومحيطه الطبيعي. كانت الصورة أبلغ من أي خطاب، تؤكد أن الثقافة والفن والسياحة يمكن أن تلتقي جميعًا في خدمة البيئة.
وقد جاءت الندوة العلمية لتضيف بعدًا فكريًا ومعرفيًا لهذا المهرجان، حيث تم التأكيد على أن حماية الغابات والموارد المائية ليست مهمة موسمية أو فئوية، بل هي ورش جماعي طويل النفس يحتاج إلى تعبئة علمية، وتواصل دائم بين الباحثين والممارسين والسلطات العمومية.
من بين المداخلات اللافتة، برزت كلمة الأستاذ عدنان رمال، الباحث في علم الأحياء بجامعة سيدي محمد بن عبد الله بفاس، والذي تناول موضوعًا دقيقًا لكنه بالغ الأهمية، يتعلق بتلوث مياه الشرب في العالم القروي بسبب تكوّن “البيوفيلم” داخل أوعية التخزين البلاستيكية.

وأوضح رمال بأسلوب مبسط أن المياه الطبيعية في منابعها غالبًا ما تكون نقية، لكن عند تخزينها في قنينات بلاستيكية يعاد استعمالها مرارًا، تتراكم طبقات ميكروبية غير مرئية على الجدران الداخلية، ما يحول الماء إلى ناقل محتمل للأمراض. وشدد على أن هذه الظاهرة تمثل خطرًا كبيرًا على صحة الأطفال وكبار السن خصوصًا.
ولتجاوز هذا الإشكال، كشف رمال عن منتوج طبيعي 100% طوّره فريقه العلمي، يُستعمل لتنظيف الأوعية والقضاء على البيوفيلم بشكل آمن وفعال، دون تغيير خصائص الماء. وأكد أن استعمال هذا المنتوج يقلل من الأمراض المرتبطة بمياه الشرب، ويتم توزيعه حاليًا على الساكنة القروية في إطار مبادرة تضامنية.
الندوة أبرزت الحاجة إلى التفاعل بين المعرفة العلمية والعمل الميداني، وإلى توجيه السياسات العمومية نحو حماية حقيقية وفعالة للأنظمة البيئية. فالغابة والماء لا يمثلان فقط موارد اقتصادية أو عناصر سياحية، بل هما شرط أساسي لحياة متوازنة ومستقبل بيئي آمن.
وفي ختام اللقاء، جدد المنظمون دعوتهم إلى مواصلة هذا النوع من المبادرات العلمية، واعتبارها مكونًا رئيسيًا في كل مهرجان أو فعالية تنظمها المدينة. لأن الرهان اليوم، كما جاء في الندوة، ليس فقط على صيانة المنجزات، بل على ضمان استدامتها للأجيال المقبلة.






