أكادير تنتفض: سيارات الدولة في خدمة حزب أخنوش!

أكادير تحت المجهر: سيارات الدولة في خدمة الحفل الحزبي

ما الذي يمكن أن يكون أكثر استفزازًا لمواطن مغربي يعاني يوميًا من أزمات النقل المدرسي أو اختفاء الحافلات العمومية، من أن يصحو ذات صباح ليجد سيارات الدولة وجماعاته الترابية وحتى سيارات نقل التلاميذ، مصطفة أمام قاعة مؤتمر حزبي؟

إنه مشهد قد يصلح لكاريكاتير، لولا أن السخرية هنا ليست بريئة، بل تكشف عن استهتار بالقانون والمبادئ معًا، وجرأة عجيبة في انتهاك التعليمات الوزارية الواضحة.

فأمام أعين الجميع، وبلا أي محاولة للتخفي أو التمويه، سُخرت وسائل النقل العمومي كأنها تركة خاصة في خدمة حزب يقود الحكومة ويريد أن يثبت – للعالم أجمع – أن “المسار” فعلاً قابل للاختزال في عربة رسمية أو سيارة تحمل شعار جماعة ترابية، حتى لو كان ذلك على حساب المدرسة والطفل والمال العام.

مذكرات الداخلية.. لمن يقرأون فقط

المثير للسخرية، أن وزارة الداخلية كانت قد بعثت بمذكرات صارمة تحذر من استغلال الوسائل اللوجستيكية للدولة في الأعمال السياسية أو الانتخابية، ويبدو أن هذه المذكرات وصلت إلى سلال المهملات مباشرة، أو ربما استعملت كمادة لخطابات الشجب الموسمية دون أن يكون لها أثر في الواقع. فحين يكون المستفيد هو حزب أخنوش، يتحول القانون إلى كائن هلامي، ويصبح المرفق العمومي مشاعًا للركوب الحزبي والانتفاع الانتخابي.

احتقان داخلي وتمرد من داخل البيت

لم تتوقف المهزلة عند هذا الحد، بل امتدت إلى داخل البيت الأزرق نفسه، حيث خرج منخرطون من الحزب في وقفة احتجاجية أمام مكان اللقاء، رافعين شعارات غاضبة ضد الإقصاء والمحسوبية، ومطالبين بلقاء مباشر مع رئيس الحزب.

ما بين سحب بطائق الحضور وتوزيع الامتيازات التنظيمية على المقاس، بدا مشهد “الإنجازات” أقرب إلى سوق للمحاباة منه إلى ندوة حزبية، بينما وجد بعض المسؤولين أنفسهم في موقع الدفاع اليائس عن صورة حزب فقد بوصلة الانضباط والعدالة التنظيمية.

ما بين الواقع والشعارات: أين المصداقية؟

“مسار الإنجازات” تحول فجأة إلى “مسار الانتهاكات”، فبدل أن يحتفي الحزب بما أنجزه، وجد نفسه عالقًا في فضيحة استغلال سيارات نقل مدرسي لصالح نشاط حزبي، في مدينة تعاني أصلاً من اختلالات عميقة في التعليم والصحة والبنيات التحتية. فكيف لحزب يدعي الإصلاح أن يقدم نفسه كقدوة وهو أول من يضرب المبادئ في مقتل؟ ولماذا لم يتحرك وزير الداخلية لتطبيق القانون حين تعلق الأمر برئيس الحكومة نفسه؟

سؤال للذاكرة الوطنية: من يراقب من؟

يتساءل المغاربة اليوم: هل نحن أمام حكومة تراقب نفسها أم أن “الكبير” يظل فوق المحاسبة؟ وإذا كانت الحصانة الحزبية تمنح هذا الكم من التراخي في احترام القانون، فمتى نرى نهاية هذا العبث؟

في النهاية، يبقى شعار “مسار الإنجازات” معلقًا في السماء، بينما تعيش أرض أكادير مشاهد لا تختلف كثيرًا عن ما كان في زمن الريع. ويبقى الأمل معقودًا على ذاكرة المواطن، لعلها تنصف من تعرض للإقصاء أو من حُرم من حافلة نقل مدرسي، لصالح “مسار” لا يقود إلا إلى سؤال واحد: متى يتوقف استغلال الدولة لأغراض الحزب؟

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى